فَمَن قَبَضَ ثَمَنَ مَبِيعٍ مِن مَالِ بَيْتِ الْمَالِ الْمُخْتَلَطِ: جَازَ لَهُ ذَلِكَ فِي أَصَحِّ الْأَقْوَالِ (١). ٢٩/ ٢٦٧
٤٠١٠ - وَسُئِلَ رحمه الله: عَن الَّذِينَ غَالِبُ أَمْوَالِهِمْ حَرَامٌ مِثْل المكاسين وَأَكَلَةِ الرِّبَا وَأَشْبَاهِهِمْ. فَهَل يَحِلُّ أَخْذُ طَعَامِهِمْ بِالْمُعَامَلَةِ أَمْ لَا؟
فَأَجَابَ: إذَا كَانَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَلَالٌ وَحَرَامٌ: فَفِي مُعَامَلَتِهِمْ شُبْهَةٌ، لَا يُحْكَمُ بِالتَّحْرِيمِ إلَّا إذَا عُرِفَ أَنَّهُ يُعْطِيهِ مَا يَحْرُمُ إعْطَاؤُهُ، وَلَا يُحْكَمُ بِالتَّحْلِيلِ إلَّا إذَا عُرِفَ أَنَّهُ أَعْطَاهُ مِن الْحَلَالِ.
فَإِنْ كَانَ الْحَلَالُ هُوَ الْأَغْلَبَ: لَمْ يُحْكَمْ بِتَحْرِيمِ الْمُعَامَلَةِ.
وَإِن كَانَ الْحَرَامُ هُوَ الْأَغْلَبَ: قِيلَ: بِحِلِّ الْمُعَامَلَةِ، وَقِيلَ: بَل هِيَ مُحَرَّمَةٌ.
فَأَمَّا الْمُعَامِلُ بِالرِّبَا: فَالْغَالِبُ عَلَى مَالِهِ الْحَلَالُ، إلَّا أَنْ يُعْرَفَ الْكُرْهُ مِن وَجْهٍ آخَرَ (٢)؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا بَاعَ أَلْفًا بِأَلْف وَمِائَتَيْنِ: فَالزِّيَادَةُ هِيَ الْمُحَرَّمَةُ فَقَطْ.
وَإِذَا كَانَ فِي مَالِهِ حَلَالٌ وَحَرَامٌ وَاخْتَلَطَ: لَمْ يَحْرُمْ الْحَلَالُ؛ بَل لَهُ أَنْ يَأْخُذَ قَدْرَ الْحَلَالِ؛ كَمَا لَو كَانَ الْمَالُ لِشَرِيكَيْنِ فَاخْتَلَطَ مَالُ أَحَدِهِمَا بِمَالِ الْآخَرِ فَإِنَّهُ يُقْسمُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ.
وَكَذَلِكَ مَن اخْتَلَطَ بمَالِهِ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ: أَخْرَجَ قَدْرَ الْحَرَامِ وَالْبَاقِي حَلَالٌ لَهُ (٣). ٢٩/ ٢٧٢ - ٢٧٣
(١) قال الشيخ في موضع آخر: وَالظَّالِمُ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الَّذِي أَخَذَ الْأَمْوَالَ بِغَيْرِ حَقٍّ، لَا مَن أخَذَ عِوَضَ مَالِهِ مِن مَالٍ لَا يَعْلَمُ لَهُ مُسْتَحِقًّا مُعَيَّنًا. (٢٩/ ٢٧٥)
(٢) كأن يكون المال الذي تعامل به بالربا اكتسبه من طريق حرام، إما من غصب أو سرقة ونحوها.
(٣) وقال في موضع آخر: فَإِنَّ كَثِيرًا مِن النَّاسِ يَتَوَهَّمُ أَنَّ الدَّرَاهِمَ الْمُحَرَّمَةَ إذَا اخْتَلَطَتْ بِالدَّرَاهِم الْحَلَالِ حَرُمَ الْجَمِيعُ فَهَذَا خَطَأٌ، وَإِنَّمَا تَوَرَّعَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِيمَا إذَا كَانَت قَلِيلَةً، وَأمَّا مَعَ الْكَثْرَةِ فَمَا أَعْلَمُ فِيهِ نِزَاعًا.