يَغْبِنَهُ الْمُتَلَقِّي: جَازَ ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ إذَا عَلِمَ بَعْدَ الْعَقْدِ إنْ رَضِيَ: جَازَ، وَإِن لَمْ يَرْضَ كَانَ لَهُ الْفَسْخُ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ يَقَعُ غَيْرَ لَازِمٍ؛ بَل مَوْقُوفًا عَلَى الْإِجَازَةِ: إنْ شَاءَ أَجَازَهُ صَاحِبُ الْحَقِّ وَإِن شَاءَ رَدَّهُ.
وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّ هَذَا النَّوْعَ لَمْ يَكُن النَّهْيُ فِيهِ لِحَقِّ اللهِ؛ كَنِكَاحِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَالْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا، وَبَيْعِ الرِّبَا؛ بَل لِحَقِّ الْإِنْسَانِ.
فَأَمَّا كَوْنُهُ فَاسِدًا مَرْدُودًا وَإِن رَضِيَ بِهِ: فَهَذَا لَا وَجْهَ لَهُ.
وَكَذَلِكَ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالْمُدَلَّسِ وَالْمُصَرَّاةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْمَخْطُوبَةُ إنْ شَاءَ هَذَا الْخَاطِبُ أَنْ يَفْسَخَ نِكَاحَ هَذَا الْمُعْتَدِي عَلَيْهِ وَيتَزَوَّجَهَا بِرِضَاهُ فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِن شَاءَ أَنْ يُمْضِيَ نِكَاحَهَا فَلَهُ ذَلِكَ، وَهُوَ إذَا اخْتَارَ فَسْخَ نِكَاحِهَا عَادَ الْأَمْرُ إلَى مَا كَانَ: إنْ شَاءَتْ نَكَحَتْهُ وَإِن شاءَتْ لَمْ تَنْكِحْهُ؛ إذ مَقْصُودُهُ حَصَلَ بِفَسْخِ نِكَاحِ الْخَاطِبِ.
وَإِذَا قِيلَ: هُوَ غَيَّر قَلْب الْمَرْأَةِ عَلَيَّ.
قِيلَ: إنْ شِئْت عَاقَبْنَاهُ عَلَى هَذَا بِأَنْ نَمْنَعَهُ مِن نِكَاحِ تِلْكَ الْمَرْأَةِ، فَيَكُونُ هَذَا قِصَاصًا لِظُلْمِهِ إيَّاكَ، وَإِن شِئْت عَفَوْت عَنْهُ فأنفذنا نِكَاحَهُ.
وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ، وَالذَّبْحِ بِآلَةٍ مَغْصُوبَةٍ، وَطَبْخِ الطَّعَامِ بِحَطَب مَغْصُوبٍ، وَتَسْخِينِ الْمَاءِ بِوَقُودٍ مَغْصُوبٍ، كُلُّ هَذَا إنَّمَا حُرِّمَ لِمَا فِيهِ مِن ظُلْمِ الْإِنْسَانِ، وَذَلِكَ يَزُولُ بِإِعْطَاءِ الْمَظْلُومِ حَقَّهُ.
وَإِنَّمَا قِيلَ فِي الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ النَّجِسِ وَبِالْمَكَانِ (١): يُعِيدُ، بِخِلَافِ هَذَا (٢)؛ لِأَنَّهُ هُنَاكَ (٣) لَا سَبِيلَ لَهُ إلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ إلَّا بِالْإِعَادَةِ، وَهُنَا يُمْكِنُهُ ذَاكَ بِأَنْ يَرُدَّ أَرْضَ الْمَظْلُومِ.
(١) النجس.
(٢) أي: الصلاة في الأرض المغصوبة.
(٣) أي: الصَّلَاة فِي الثَّوْبِ وَالْمَكَانِ النَّجِسِ.