وَبَيْعُ الْمَغْشُوشِ لِمَن لَا يَتَبَيَّنُ لَهُ أَنَّهُ مَغْشُوشٌ حَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَالْكِيمْيَاءُ لَا يُعْلَمُ مِقْدَارُ الْغِشِّ فِيهَا، فَلَا يَجُوزُ عَمَلُهَا وَلَا بَيْعُهَا بِحَالٍ.
وَالْكِيمْيَاءُ أَشَدُّ تَحْرِيمًا مِن الرِّبَا.
وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّك تَجِدُ "السِّيمَيَا" (١) الَّتِي هِيَ مِن السِّحْرِ كَثِيرًا مَا تَقْتَرِنُ بِالْكِيمْيَاءِ، وَمَعْلُومٌ بِالِاضْطِرَارِ مِن دِينِ الْإِسْلَامِ أَنَّ السِّحْرَ مِن أَعْظَمِ الْمُحَرَّمَاتِ، فَإِذَا كَانَت الْكِيمْيَاءُ تُقْرَنُ بِهِ كَثِيرًا وَلَا تَقْتَرِنُ بِأَهْلِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ: عُلِمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِن أَعْمَالِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ؛ بَل مِن أَعْمَالِ أَهْلِ الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ.
وَمَن اسْتَقْرَأَ أَحْوَالَ طَالِبِيهَا وَجَدَ تَحْقِيقَ مَا قَالَهُ الْأَئِمَّةُ حَيْثُ قَالُوا: مَن طَلَبَ الْمَالَ بِالْكِيمْيَاءِ أَفْلَسَ، وَمَن طَلَبَ الْعِلْمَ بِالْكَلَامِ تَزَنْدَقَ، وَمَن طَلَبَ غَرَائِبَ الْحَدِيثِ كَذَبَ.
فَإِنَّ أَصْلَ الْمَخْلُوقَاتِ الَّتِي خَلَقَهَا اللهُ لَا يُمْكِنُ الْبَشَرُ أَنْ يَصْنَعُوا مِثْلَهَا، وَلَا يُمْكِنُهُم نَقْلُ نَوْعٍ مَخْلُوقٍ مِن الْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ وَالْمَعْدِنِ إلَى نَوْعٍ آخَرَ مَخْلُوقٍ، وَهَذَا مُطَّرِدٌ لَا يُنْقَضُ. ٢٩/ ٣٦٨ - ٣٨٨
* * *
حكم ما ظهر عيبه بعد البيع
٤٠٣٨ - وَسُئِلَ: عَن رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا سَلِيمًا مِنَ الْعَيْبِ ثُمَّ بَاعَهُ كَذَلِكَ، فَسَرَقَ الْعَبْدُ مِن الْمُشْتَرِي الثَّانِي مَبْلَغًا وَأَبَقَ، فَهَل يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِع الْأَوَّلِ؟
فَأَجَابَ: لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُطَالِبَ بِالْأَرْشِ بِلَا نِزَاعِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ (٢).
(١) قال في المعجم الوسيط (١/ ٤٦٩): هو السحر، وَحَاصِلُه: إِحْدَاث مثالات خيالية لَا وجود لَهَا فِي الْحس.
(٢) هذا بشرط أن يكون البائع قد علم بالعيب وكتمه، أما في حال عدم علمه بعيبه هذا فلا يحق للمشتري الرجوع عليه، ويدل على هذا الفتوى الآتية.