عَلَيْهِ الْعُدْوَانُ فِي مَالِ مَن ائْتَمَنَهُ وَغَيْره، لَكِنَّ الْعَقْدَ أَوْجَبَ ذَلِكَ أَيْضًا وَزَادَهُ تَوْكِيدًا.
وَأَمَّا وُجُوبُ التَّصَرُّفِ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَكُونُ الْعَامِلُ فِي الْمُضَارَبَةِ وَالْمُزَارَعَةِ وَالْمُسَاقَاةِ إذَا تَرَكَ التَّصَرُّفَ الَّذِي اقْتَضَاهُ الْعَقْدُ مُفَرِّطًا: فَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ؛ فَإِنَّ الْعَقْدَ وَإِن كَانَ جَائِزًا فَمَا دَامَ مَوْجُودًا فَلَهُ مُوجِبَانِ:
أ- الْحِفْظُ بِمَنْزِلَةِ الْوَدِيعَةِ.
ب- وَالتَّصَرُّفُ الَّذِي اقْتَضَاهُ الْعَقْدُ (١).
وَهَذَا قِيَاسُ مَذْهَبِنَا؛ لِأَنَّا نُوجِبُ عَلَى أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مِن الْمُعَاوَضَةِ بِالْبَيْعِ وَالْعِمَارَةِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْآخَرُ فِي الْعُرْفِ؛ مِثْلُ عِمَارَةِ مَا استهدم، هَذَا فِي شَرِكَةِ الْأَمْلَاكِ، فَكَذَلِكَ فِي شَرِكَةِ الْعُقُودِ؛ فَإِنَّ مَقْصُودَهَا هُوَ التَّصَرُّفُ، فَتَرْكُ التَّصَرُّفِ فِي الْمُضَارَبَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ قَد يَكُونُ أَعْظَمَ ضَرَرًا مِن تَرْكِ عِمَارَةِ الْمَكَانِ المستهدم فِي شَرِكَةِ الْأَمْلَاكِ، وَمِن تَرْكِ بَيْع الْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ الْمُشْتَرَكَةِ (٢)؛ لِأَنَّهُ هُنَاكَ يُمْكنُ الشَّرِيكَ أَنْ يَبِيعَ نَصِيبَهُ وَهُنَا غَرَّهُ وَضَيَّعَ عَلَيْهِ مَنْفَعَةَ مَالِهِ.
فَإِذَا كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا: لَمْ يَثْبُتْ جَمِيعُ مُقْتَضَاهُ مِن وُجُوبِ التَّقَابُضِ، وَالتَّصَرُّفِ، وَحِلِّ التَّصَرُّفِ وَالِانْتِفَاعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
فَإِذَا اتَّصَلَ بِهِ الْقَبْضُ (٣): فَهُوَ قَبْضٌ مَأْذُونٌ فِيهِ بِعَقْد، فَلَيْسَ مِثْل قَبْضِ الْغَاصِبِ الَّذِي هُوَ بِغَيْرِ إذْنٍ.
(١) فمقتضى عقده مع صاحبه أن يتصرف في العمل بما فيه مصلحته ومنفعته.
(٢) الجملة في الأصل هكذا: … المستهدم فِي شَرِكَةِ الْأَمْلَاكِ.
وَمَن تَرَكَ بَيْعَ الْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ الْمُشْتَرَكَةِ ..
وهي بهذا لا تكون الجملة مفيدة، وهذا يدل على أهمية وضع علامات الترقيم والفواصل والتشكيل.
(٣) يعني: إذا قبض البائع الثمن، والمشتري السلعة في العقد الفاسد: فهو قبضٌ معترف فيه صحيح، يترتب عليه آثارُه.