٤١١٥ - وَسُئِلَ: عَن وَقْفٍ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، وَفِيهِ أَشْجَارُ زَيْتُونٍ وَغَيْرِهِ، يَحْمِلُ بَعْضَ السِّنِينَ بِثَمَرٍ قَلِيلٍ، فَإِذَا قُطِعَتْ وَبِيعَتْ يُشْتَرَى بثَمَنِهَا مِلْكٌ يُغَلُّ بِأَكْثَرَ مِنْهَا، فَهَل لِلنَّاظِرِ ذَلِكَ؟ وَهَل إذَا طَالَبَهُ بَعْضُ الْمُسْتَحِقِّينَ لِلْوَقْفِ يَقْطَعُ الشَّجَرَ وَيَبِيعُهُ وَيُقَسِّمُ مِنْهُ عَلَيْهِم فَهَل لَهُم ذَلِكَ؟
فَأَجَابَ: نَعَمْ يَجُوزُ بَيْعُ تِلْكَ الْأشْجَارِ وَأَنْ يُشْتَرَى بِهَا مَا يَكُونُ مُغَلُّهُ أَكْثَرَ؛ فَاِنَّ الشَّجَرَ كَالْبِنَاءِ.
وَللنَّاظِرِ أَنْ يُغَيِّرَ صُورَةَ الْوَقْفِ مِن صُورَةٍ إلَى صُورَةٍ أَصْلَحَ مِنْهَا، كَمَا غَيَّرَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ صُورَةَ الْمَسْجِدَيْنِ اللَّذَيْنِ بِالْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ، وَكَمَا نَقَلَ غمَز بْنُ الْخَطَّابِ مَسْجِدَ الْكُوفَةِ مِن مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ وَأَمْثَال ذَلِكَ.
وَلَا يُقَسَّمُ ثَمَنُ الشَّجَرِ بَيْنَ الْمَوْجُودِينَ؛ لِأنَّ الشَّجَرَ كَالْبِنَاءِ لَا يَخْتَصُّ بِثَمَنِهِ الْمَوْجُودُونَ، وَلَيْسَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الشَّجَرِ وَالزَّرْعِ وَالْمَنَافِعِ الَّتِي يَخْتَصُّ كُلُّ أَهْلِ طَبَقَةٍ بِمَا يُؤْخَذُ فِي زَمَنِهَا مِنْهَا.
وَأمَّا النَّاظِرُ: فَعَلَيْهِ أنْ يَعْمَلَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِن الْعَمَلِ الْوَاجِبِ، وَيَأْخُذُ لِذَلِكَ الْعَمَلِ مَا يُقَابِلُهُ، فَاِنْ كَانَ الْوَاجِبُ عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ مِن الْعِوَضِ الْمُسْتَحَقِّ أَخَذَهُ، وَإِن كَانَ يَسْتَحِقُّ الْجَمِيعَ عَلَى مَا يَعْمَلُهُ أَخَذَ الْجَمِيعَ، وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ عَلَى فَقْرِهِ مَا يَاْخُذُهُ الْفَقِيرُ عَلَى فَقْرِهِ. ٣١/ ٢٦٠ - ٢٦١
* * *
(حكم الْوَقْفِ عَلَى جِهَةٍ مُبَاحَةٍ؟)
٤١١٦ - إنَّ الْوَاقِفَ إنَّمَا وَقَفَ الْوُقُوفَ بَعْدَ مَوْتِهِ: لِيَنْتَفِعَ بِثَوَابهِ وَأَجْرِهِ عِنْدَ اللهِ، لَا يَنْتَفِع بِهِ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا يَنْتَفِعُ الْمَيِّتُ إلًّا بِالْأَجْرِ وَالثَّوَابِ.
وَلهَذَا فُرِّقَ بَيْنَ مَا قَد يُقْصَدُ بِهِ مَنْفَعَةُ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا لَا يُقْصَدُ بِهِ إلَّا الْأَجْرُ وَالثَّوَابُ.