وَالثَّانِي: عَمَلٌ نَهَى النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَنْهُ نَهْيَ تَحْرِيمٍ أَو نَهْيَ تَنْزِيهٍ، فَاشْتِرَاطُ مِثْل هَذَا الْعَمَلِ بَاطِلٌ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ.
الْقِسْمُ الثَّالِثُ: عَمَل لَيْسَ بِمَكْرُوه فِي الشَّرْعِ وَلَا مُسْتَحَبٌّ؛ بَل هُوَ مُبَاحٌ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ، فَهَذَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِوُجُوبِ الْوَفَاءِ بِهِ، وَالْجُمْهُورُ مِن الْعُلَمَاءِ مِن أَهْلِ الْمَذَاهِبِ الْمَشْهُورَةِ وَغَيْرِهِمْ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ بَاطِلٌ، وَلَا يَصِحُّ عِنْدَهُم أَنْ يَشْتَرِطَ إلَّا مَا كَانَ قُرْبَةً إلَى اللهِ تَعَالَى. ٣١/ ٤٣ - ٤٦
٤١١٨ - الْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ كُلَّ مَا شُرِطَ مِن الْعَمَلِ مِن الْوُقُوفِ الَّتِي تُوقَفُ عَلَى الْأَعْمَالِ فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ قُرْبَةً: إمَّا وَاجِبًا وَإِمَّا مُسْتَحَبًّا.
وَأَمَّا اشْتِرَاط عَمَلٍ مُحَرَّمٍ: فَلَا يَصِحُّ بِاتِّفَاقِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ؛ بَل وَكَذَلِكَ الْمَكْرُوهُ، وَكَذَلِكَ الْمُبَاحُ عَلَى الصَّحِيحِ. ٣١/ ٤٧
٤١١٩ - لَا خِلَافَ بَيْنِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ مَن وَقَفَ عَلَى صَلَاةٍ أَو صِيَامٍ أَو قِرَاءَةٍ أَو جِهَادٍ غَيْرِ شَرْعِيٍّ وَنَحْوِ ذَلِكَ: لَمْ يَصِحَّ وَقْفُهُ؛ بَل هُوَ يُنْهَى عَن ذَلِكَ الْعَمَلِ وَعَن الْبَذْلِ فِيهِ. ٣١/ ٣٧
* * *
(معنى وصحة قول بعض الْفُقَهَاءِ: إنَّ شُرُوطَ الْوَاقِفِ نُصُوصٌ كَأَلْفَاظِ الشَّارِعِ)
٤١٢٠ - مَن قَالَ مِن الْفُقَهَاءِ: إنَّ شُرُوطَ الْوَاقِفِ نُصُوصٌ كَأَلْفَاظِ الشَّارعِ: فَمُرَادُهُ أَنَّهَا كَالنُّصُوصِ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى مُرَادِ الْوَاقِفِ، لَا فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ بِهَا.
مَعَ أَنَّ التَّحْقِيقَ فِي هَذَا أَنَّ لَفْظَ الْوَاقِفِ وَلَفْظَ الْحَالِفِ وَالشَّافِعِ وَالْمُوصِي وَكُلِّ عَاقِدٍ: يُحْمَلُ عَلَى عَادَتِهِ فِي خِطَابِهِ وَلُغَتِهِ الَّتِي يَتَكَلَّمُ بِهَا، سَوَاءٌ وَافَقَت الْعَرَبِيَّةَ الْعَرْبَاءَ، أَو الْعَرَبِيَّةَ الْمُوَلَّدَةَ، أَو الْعَرَبِيَّةَ الْمَلْحُونَةَ، أَو كَانَت غَيْرَ عَرَبِيَّةٍ، وَسَوَاءٌ وَافَقَتْ لُغَةَ الشَّارعِ أَو لَمْ تُوَافِقْهَا؛ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِن الْأَلْفَاظِ دَلَالَتُهَا عَلَى مُرَادِ النَّاطِقِينَ بِهَا.