حكم من قال لزوجتيه: إحداكما طالق، ومات قبل البيان، فلمن تكون التركة؟
٤٢٤٤ - وَسُئِلَ -رحمه الله-: عَن رَجُلٍ تَزَوَّجَ بِامْرَأَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا مُسْلِمَة وَالْأُخْرَى كِتَابِيَّةٌ، ثُمَّ قَالَ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ، وَمَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ، فَلِمَن تَكُونُ التَّرِكَةُ مِن بَعْدِهِ؟
الصَّحِيحُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ -سَوَاءٌ كَانَت الْمُطَلَّقَةُ مُبْهَمَة أَو مَجْهولَةً-: أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَ الزَّوْجَتَيْنِ، فَإِذَا خَرَجَت الْقُرْعَةُ عَلَى الْمُسْلِمَةِ لَمْ تَرِثْ هِيَ وَلَا الذِّمِّيَّةُ شَيْئًا.
أَمَّا هِيَ: فَلِأَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ.
وَأَمَّا الذِّمِّيَّةُ: فَإِنَّ الْكَافِرَ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمَ.
وَإِن خَرَجَت الْقُرْعَةُ عَلَى الذِّمِّيَّةِ: وَرِثَت الْمُسْلِمَةُ مِيرَاثَ زَوْجَةٍ كَامِلَةٍ، هَذَا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ طَلَاقًا مُحَرِّمًا لِلْمِيرَاثِ (١)؛ مِثْل أَنْ يَبِينَهَا فِي حَالِ صِحَّتِهِ.
فَأَمَّا إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ وَمَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ: فَهَذِهِ زَوْجَتُهُ تَرِثُ وَعَلَيْهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ بِاتفَاقِ الْأَئِمَّةِ، وَتَنْقَضِي بِذَلِكَ عِدَّتُهَا عِنْدَ جُمْهُورِهِمْ؛ كَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ.
وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ: أَنَّهَا تَعْتَدُّ أَطْوَلَ الْأَجَلَيْنِ مِن مُدَّةِ الْوَفَاةِ وَالطَّلَاقِ.
وَإِن كَانَ الطَلَاقُ بَائِنًا فِي مَرَضِ الْمَوْتِ: فَإِنَّ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْبَائِنَةَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ تَرِثُ إذَا كَانَ طَلَّقَهَا طَلَاقًا فِيهِ قَصْدُ حِرْمَانِهَا الْمِيرَاثَ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.
وَهُوَ يَرِثُهَا وَإِن انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَتَزَوَّجَتْ (٢) وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ يَرِثُهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ مَا لَمْ تتزَوَّجْ.
(١) أي: يُحرم أن ترث منه، وهو الطلاق الصحيح المعتد به.
(٢) أي: أن الزوج الذي طلق زوجته طلاقًا بائنًا في مرض الموت يرثها إذا ماتت بعد العدة ولو تزوجت. وهو مذهب أبي حنيفة -رحمه الله-، وهو اختيار شيخ الإسلام -رحمه الله-، ولا شك أنها ترث ما دامت في العدة، وهو المشهور عنه ما لم تتزوج، وهذا من باب أولى.