أَبُوهُ بَل وَرِثَهُ مَن دُون الأَبِ؛ كَالْجَدِّ وَالْعَمِّ وَالْأَخِ فَهِيَ بِالثُّلُثِ أَوْلَى، فَإنَّهَا إذَا أَخَذَت الثلثَ مَعَ الْأبِ فَمَعَ غَيْرِهِ مِن الْعَصَبَةِ أوْلَى.
فَدَل الْقُرْآنُ عَلَى أَنَّهُ (١) إذَا لَمْ يَرِثْهُ إلَّا الْأمُّ وَالْأبُ، أَو عَصَبَةٌ غَيْرُ الْأبِ - سِوَى الِابْنِ-: فَلِأُمِّهِ الثّلث، وَهَذَا مِن بَابِ التّنبِيهِ بِالْأَدْنَى عَلَى الْأَعْلَى.
وَأَمَّا الِابْنُ فَإِنَّهُ أَقْوَى مِن الْأَبِ، فَلَهَا مَعَهُ السُّدُسُ.
وإذَا كَانَ مَعَ الْعَصَبَةِ ذُو فَرْضٍ: فَالْبَنَاتُ وَالْأخَوَاتُ قَد أَعْطَوا الْأمَّ مَعَهُنَّ السُّدُسَ، وَالْأُخْتُ الْوَاحِدَةُ إذَا كَانَت هِيَ وَالْأُمُّ فَالْأُمُّ تَأخُذُ الثُّلُثَ مَعَ الذكَرِ مِن الْإِخْوَةِ، فَمَعَ الْأنْثَى أَوْلَى.
وَإِنَّمَا الْحَجْبُ عَن الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ بِالْإِخْوَةِ، وَالْوَاحِدُ لَيْسَ إخْوَة.
فَإِذَا كَانَت مَعَ الْأَخِ الْوَاحِدِ تَأخُذُ الثُّلثَ فَمَعَ الْعَمِّ وَغَيْرِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.
وَفِي الْجَدِّ نِزَاعٌ، يُرْوَى عَن ابْنُ مَسْعُودٍ وَالْجُمْهُورِ عَلَى أَنَّهَا (٢) مَعَ الْجَدِّ تَأخذُ ثُلُثَ الْمَالِ وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأنَّ الْجَدَّ أَبْعَدُ مِنْهَا، وَهُوَ مَحْجُوبٌ بِالْأَبِ، فَلَا يَحْجُبُهَا عَن شَيْءٍ مِن حَقِّهَا.
وَمَحْضُ الْقِيَاسِ أَنَّ الْأَبَ مَعَ الْأُمِّ: كَالْبِنْتِ مِن الِابْنِ، وَالْأُخْتِ مَعَ الْأَخِ لِأنَّهُمَا ذَكَرٌ وَانْثَى مِن جِنْسٍ وَاحِدٍ هُمَا عَصَبَةٌ.
وَقَد أُعْطِيَت الزَّوْجَةُ نِصْفَ مَا يُعْطَاهُ الزوْجُ؛ لِأَنَّهُمَا ذَكَرٌ وَأُنْثَى مِن جِنْسٍ.
وَأَمَّا دَلَالَةُ الْكِتَابِ فِي مِيرَاثِ الْأمِّ: فَإِنَّ اللهَ يَقُولُ: {لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} النساء: ١١ فَاللهُ تَعَالَى فَرَضَ لَهَا بِشَرْطَيْنِ:
أ - أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ.
ب - وَأَنْ يَرِثَهُ أَبُوه.
(١) أي: الميت.
(٢) أي: الأم.