يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ؛ لِمَا ثَبَتَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" (١) عَن أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: لَا أَزَالُ أُحِبُّ بَنِي تَمِيمٍ بَعْدَ ثَلَاثٍ سَمِعْتهنَّ مِن رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُهَا فِيهِمْ، سَمِعْت رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "هُم أَشَدُّ أُمتِي عَلَى الدَّجَّالِ" (٢)، وَجَاءَت صَدَقَاتُهُم فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "هَذِهِ صَدَقَاتُ قَوْمِنَا".
قَالَ: وَكَانَت سَبِيَّةٌ مِنْهُم عِنْدَ عَائِشَةَ فَقَالَ النَّبِي -صلى الله عليه وسلم-: "أَعْتِقِيهَا فَإنَّهَا مِن وَلَدِ إسْمَاعِيلَ" (٣).
وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ وَنَحْوُهَا مَشْهُورَةٌ بَل مُتَوَاتِرَةٌ أَنَّ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَسْبِي الْعَرَبَ، وَكَذَلِكَ خُلَفَاؤُهُ بَعْدَهُ.
وَأَيْضًا: فَسَبَبُ الِاسْتِرْقَاقِ هُوَ الْكُفْرُ بِشَرْطِ الْحَرْبِ، فَالْحُرُّ الْمُسْلِمُ لَا يُسْتَرَقُّ بِحَالٍ، وَالْمُعَاهَدُ لَا يُسْتَرَقُّ، وَالْكُفْرُ مَعَ الْمُحَارَبَةِ مَوْجُودٌ فِي كُلِّ كَافِرٍ، فَجَازَ اسْتِرْقَاُقهُ كَمَا يَجُوزُ قِتَالُهُ، فَكُلُّ مَا أَبَاحَ قَتْلَ الْمُقَاتِلَةِ أَبَاحَ سَبْيَ الذرِّيَّةِ، وَهَذَا حُكْمٌ عَامٌّ فِي الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ، وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ مِن قَوْلَيْهِ وَأَحْمَد.
وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَلَا يُجَوِّزُ اسْتِرْقَاقَ الْعَرَبِ، كَمَا لَا يُجَوِّزُ ضَرْبَ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ؛ لِأَن الْعَرَبَ اُخْتُصُّوا بِشَرَفِ النَّسَبِ؛ لِكَوْنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- مِنْهُمْ. ٣١/ ٣٧٦ - ٣٧٩
٤٢٦٦ - الْعَبْدُ إذَا هَاجَرَ مِن أَرْضِ الْحَرْبِ فَإِنَّهُ حُرٌّ، وَلَا حُكْمَ عَلَيْهِ لِأَحَد. ٣١/ ٣٨٥
(١) البخاري (٢٥٤٣)، ومسلم (٢٥٢٥).
(٢) في الأصل: (الرِّجَالِ)، وهو خطأ، والتصويب من صحيح البخاري ومسلم.
(٣) ومن أصرح الأدلة على ذلك ما ثبت في الصَّحيحِ أنَّهُ سَبَى نِساءَ هَوازنَ، وهُم عَربٌ، وقَسَّمَهُم بَينَ الْغانِمينَ، فَصارُوا رقيقًا لهُمْ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ طَلَبَ من الصحابة أنْ يُطلقوهم ويمنوا عليهم.