أَحَدُهُمَا: أَنَّ عَقْدَ الثَّانِي بَاطِلٌ، فَتُنْزَعُ مِنْهُ وَتُرَدُّ إلَى الْأَوَّلِ.
وَالثانِي: أَنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ؛ فَيُعَاقَبُ مَن فَعَلَ الْمُحَرَّمَ، وَيُرَدُّ إلَى الْأَوَّلِ جَمِيعُ مَا أُخِذَ مِنْهُ، وَالْقَوْلُ الْأوَّلُ أَشْبَهُ بِمَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. ٣٢/ ١٠
* * *
تفسير أول آية في سورة النساء
٤٣٤٨ - قَالَ اللّهُ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (١)} النساء: ١ افْتَتَحَ السُّورَةَ بِذِكْرِ خَلْقِ الْجِنْسِ الْإِنْسَانِيِّ مِن نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، وَأَنَّ زَوْجَهَا مَخْلُوقٌ مِنْهَا، وَأَنَّهُ بَثَّ مِنْهُمَا الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ أَكْمَلُ الْأسْبَابِ وَأَجَلُّهَا.
ثُمَّ ذَكَرَ مَا بَيْنَ الْآدَمِيِّينَ مِن الْأَسْبَابِ الْمَخْلُوقَةِ الشَّرْعِيَّةِ: كَالْوِلَادَةِ، وَمِن الكسبية الشَّرْطِيَّةِ: كَالنِّكَاحِ.
ثُمَّ قَالَ: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} قَالَ طَائِفَةٌ مِن الْمُفَسِّرِينَ مِن السَّلَفِ: {تَسَاءَلُونَ بِهِ}: تتعَاهَدُونَ بِهِ وَتتعَاقَدُونَ.
وَهُوَ كَمَا قَالُوا؛ لأنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِن الْمُتَعَاقِدَيْنِ عَقْدَ الْبَيْعِ أَو النِّكَاحِ أَو الْهُدْنَةِ أَو غَيْرِ ذَلِكَ يَسْأَلُ الْآخَرَ مَطْلُوبَهُ: هَذَا يَطْلُبُ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ، وَهَذَا تَسْلِيمَ الثَّمَنِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا قَد أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ مَطْلُوبَ الْآخَرِ، فَكُلٌّ مِنْهُمَا طَالِبٌ مِن الْآخَرِ مُوجِبٌ لِمَطْلُوبِ الْآخَرِ.
ثُمَّ قَالَ: {وَالْأَرْحَامَ}، والْعُهُودُ والْأَرْحَامُ: هُمَا جِمَاعُ الْأَسْبَابِ الَّتِي بَيْنَ بَنِي آدمَ؛ فَإِنَّ الْأسْبَابَ الَّتِي بَيْنَهُمْ: إمَّا أَنْ تكُونَ بِفِعْلِ اللّهِ أَو بِفِعْلِهِمْ.
فَالْأَوَّلُ: الْأَرْحَامُ.
والثَّانِي: الْعُهُودُ.