وَقِيلَ: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَهُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِن التَّابِعِينَ وَقَوْلُ دَاوُد وَابْنِ حَزْمٍ.
وَقِيلَ: عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَهُوَ قَوْلُ الصَّحَابَةِ وَجُمْهُورِ التَّابِعِينَ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد، وَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ التَّكْفِيرِ وَالْإِعْتَاقِ عَلَى الْمَشْهُورِ عَنْهُمَا.
وَلَمْ يُنْقَلْ عَن الصَّحَابَةِ شَيْءٌ فِي الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ فِيمَا بَلَغَنَا بَعْدَ كَثْرَةِ الْبَحْثِ وَتَتَبُّعِ كُتُبِ الْمُتَقَدِّمِينَ والمتأخرين (١)؛ بَل الْمَنْقُولُ عَنْهُم إمَّا ضَعِيفٌ؛ بَل كَذِبٌ مِن جِهَةِ النَّقْلِ، وَإِمَّا أَلَّا يَكُونَ دَلِيلًا عَلَى الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ، فَإِنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَحْلِفُونَ بِالطَّلَاقِ عَلَى عَهْدِهِمْ، وَلَكِنْ نُقِلَ عَن طَائِفَةٍ مِنْهُم فِي الْحَلِفِ بِالْعِتْقِ أنْ يَجْزِيَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، كمَا إذَا قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَبْدِي حُرٌّ. ٣٢/ ٨٣ - ٨٥
* * *
(نِكَاح الْمُتْعَةِ خَيْرٌ مِن نِكَاحِ التَّحْلِيلِ مِن ثَلَاثَةِ أَوْجهٍ)
٤٣٩٦ - إِنَّ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ خَيْرٌ مِن نِكَاحِ التَّحْلِيلِ مِن ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ كَانَ مُبَاحًا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ التَّحْلِيلِ.
الثانِي: أَنَّهُ رَخَّصَ فِيهِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَطَائِفَةٌ مِن السلَفِ، بِخِلَافِ التَّحْلِيلِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُرَخِّصْ فِيهِ أَحَدٌ مِن الصَّحَابَةِ.
الثَّالِثُ: أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ لَهُ رَغْبَة فِي ألْمَرْأَةِ، وَللْمَرْأَةِ رَغْبَةٌ فِيهِ إلَى أَجَلٍ، بِخِلَافِ الْمُحَلِّلِ، فَإِنَّ الْمَرْأةَ لَيْسَ لَهَا رَغْبَةٌ فِيهِ بِحَال، وَهُوَ لَيْسَ لَهُ رَغْبَةٌ فِيهَا؛ بَل فِي أَخْذِ مَا يُعْطَاهُ، وَإِن كَانَ لَهُ رَغْبَة فَهِيَ مِن رَغْبَتِهِ فِي الْوَطْءِ، لَا فِي اتِّخَاذِهَا زَوْجَةً، مِن جِنْسِ رَغْبَةِ الزَّانِي.
فَنِكَاحٌ تَنَازَعَ السَّلَفُ فِي جَوَازِهِ: أَقْرَبُ مِن نِكاحٍ أجْمَعَ السَّلَفُ عَلى تَحْرِيمِهِ.
(١) صيغة الحلف بالطلاق: أن يقول لزوجته: إن فعلت كذا فأنت طالق، ونحوها من العبارات.