الْبَيْعُ لَا يَجُوزُ إلَّا بِالتَّرَاضِي؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} النساء: ٢٩، فَالنِّكَاحُ لَا يَجُوزُ إلَّا بِالتَّرَاضِي بِطَرِيقِ الْأوْلَى وَالْأَحْرَى.
وَالْعَقْدُ الْفَاسِدُ لَمْ يَرْضَ بِهِ الْعَاقِدُ إلَّا عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ، فَإِلْزَامُهُ بِدُونِ تِلْكَ الصِّفَةِ إلْزَامٌ بِعَقْدٍ لَمْ يَرْضَ بِهِ، وَهُوَ خِلَافُ النُّصُوصِ وَالْأصُولِ.
وَأَصَحُّ الْأَقْوَالِ فِي هَذَا الْبَابِ: أَنَّ الْأمْرَ إلَيْهَا:
- فَإِنْ رَضِيَتْ بِدُونِ ذَلِكَ الشَّرْطِ كَانَ زَوْجًا، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِئْنَافِ عَقْدٍ.
- وَإِن لَمْ تَرْضَ بِهِ لَمْ يَكن زَوْجًا؛ كَالنِّكَاحِ الْمَوْقُوفِ عَلَى إجَازَتِهَا، وَكَذَلِكَ فِي النِّكَاحِ عَلَى مَهْرٍ لَمْ يُسلَّمْ لَهَا؛ لِتَحْرِيمِهِ، أَو اسْتِحْقَاقِهِ، فَإِنْ شَاءَتْ أَنْ تَرْضَى بِهِ زَوْجًا بِمَهْر آخَرَ كَانَ ذَلِكَ، وَإِن شَاءَتْ أَنْ تُفَارِقَهُ فَلَهَا ذَلِكَ، وَلَيْسَ قَبْلَ رِضَاهَا نِكَاحٌ لَازِمٌ. ٣٢/ ١٥٧ - ١٦٤
* * *
(هل يصح أن تشترط المرأة عِنْدَ النِّكَاحِ ألا يَتَزَوَّج عَلَيْهَا؟)
٤٤٢٢ - وَسُئِلَ رحمه الله: عَن رَجُلٍ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ فَشُرِطَ عَلَيْهِ عِنْدَ النِّكَاحِ أَنَّهُ لَا يَتَزَوَّجُ عَلَيْهَا وَلَا يَنْقُلُهَا مِن مَنْزِلِهَا، وَكَانَت لَهَا ابْنَة فَشُرِطَ عَلَيْهِ أَنْ تَكونَ عِنْدَ أُمِّهَا. فَهَل يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ؟
فَأَجَابَ: نَعَمْ تَصِحُّ هَذِهِ الشُّرُوطُ وَمَا فِي مَعْنَاهَا فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ مِن الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ؛ كَعُمَر بْنِ الْخَطَّابِ وَعَمْرِو بْنِ العاص -رضي الله عنهما-، وشريح الْقَاضِي وَالْأوْزَاعِي وَإِسْحَاق.
وَمَذْهَبُ مَالِك إذَا شُرِطَ أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَو تَسَرَّى أنْ يَكُونَ أمْرُهَا
= بِالشُّرُوطِ فِي الْبَيْعِ، فَإِذَا كَانَت الشرُوطُ الْفَاسِدَةُ فِي الْبَيْعِ لَا يَلْزَمُ الْعَقْدُ بِدُونِهَا، بَل إِمَّا أنْ يَبْطُلَ الْعَقْدُ وَإِمَّا أنْ يَثْبُتَ الْخِيَارُ لِمَن فَاتَ غَرَضُهُ بِالاِشْتِرَاطِ إذَا بَطَلَ الشَّرْطُ، فَكَيْفَ بِالْمَشْرُوطِ فِي النِّكَاحِ؟ ا هـ. (٣٤/ ١٢٥)