فَحَيْثُ وَصَفَهُم بِأَنَّهُم أَشْرَكُوا فَلِأَجْلِ مَا ابْتَدَعُوهُ مِن الشرْكِ الَّذِي لَمْ يَأْمُر اللهُ بِهِ. ٣٢/ ١٧٨ - ١٧٩
* * *
(حكم وَطْء الْإِمَاءِ الْكِتَابِيَّاتِ والمجوسيات؟)
٤٤٤٢ - وَطْءُ الْإِمَاءِ الْكِتَابِيَّاتِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ أَقْوَى مِن وَطْئِهِنَّ بِمِلْكِ النِّكاحِ عِنْدَ عَوَامِّ أَهْلِ الْعِلْمِ مِن الْأَئِمَّةِ الْأرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَلَمْ يُذْكَرْ عَن أَحَدٍ مِن السَّلَفِ تَحْرِيم ذَلِكَ كَمَا نُقِلَ عَن بَعْضِهِمْ الْمَنْعُ مِن نِكَاحِ الْكِتَابِيَّاتِ.
وَأَمَّا الْأَمَةُ الْمَجُوسِيَّةُ: فَالْكَلَامُ فِيهَا يَنْبَنِي عَلَى أَصْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ نِكَاحَ الْمَجُوسِيَّاتِ لَا يَجُوزُ كَمَا لَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْوَثَنِيَّاتِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَد عَن خَمْسَةٍ مِن الصَّحَابَةِ فِي ذَبَائِحِهِمْ وَنِسَائِهِمْ، وَجَعَلَ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ مِن جِنْسِ خِلَافِ أَهْلِ الْبِدَعِ.
والْأَصْلُ الثَّانِي: أَنَّ مَن لَا يَجُوزُ نِكَاحُهُنَ لَا يَجُوزُ وَطْؤُهُنَّ بِمِلْكِ الْيَمِينِ كَالْوَثَنِيَّاتِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِك وَالشَّافِعِيِّ وَأحْمَد وَغَيْرِهِمْ.
وَحُكِيَ عَن أَبِي ثَوْرٍ: أَنَّهُ قَالَ: يُبَاحُ وَطْءُ الْإِمَاءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ عَلَى أَيِّ دِينٍ كُنَّ.
فَقَد تبَيَّنَ أَنَّ فِى وَطْءِ الْأمَةِ الْوَثَنِيَّةِ نِزَاعًا.
وَحِينَئِذٍ فَنَقُولُ: الدَّلِيل عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ التَّسَرِّي بِهِنَّ وُجُوهٌ:
أَحَدُهَا: أَنَّ الْأَصْلَ الْحِلُّ، وَلَمْ يَقُمْ عَلَى تَحْرِيمِهِنَّ دَلِيلٌ مِن نَصٍّ وَلَا إجْمَاعٍ وَلَا قِيَاسٍ، فَبَقِيَ حِلُّ وَطْئِهِنَّ عَلَى الْأَصْلِ.
الثانِي: أَنَّ قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦)} المؤمنون: ٥، ٦، يَقْتَضِي عُمُومَ جَوَازِ الْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ مُطْلَقًا إلَّا مَا استَثْنَاهُ الدَّليلُ. ٣٢/ ١٨١ - ١٨٣
* * *