مُنَافِقًا (١).
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ: فَأَهْلُ الْبِدَعِ فِيهِم الْمُنَافِقُ الزِّنْدِيقُ، فَهَذَا كَافِرٌ.
ويكْثُرُ مِثْلُ هَذَا فِي الرَّافِضَةِ وَالْجَهْمِيَّة؛ فَإِنَّ رُؤَسَاءَهُم كَانُوا مُنَافِقِينَ زَنَادِقَةً، وَأَوَّلُ مَن ابْتَدَع الرَّفْضَ كَانَ مُنَافِقًا.
وَكَذَلِكَ التَّجَهُّمُ فَإِنَّ أَصْلَهُ زَنْدَقَةٌ وَنِفَاقٌ؛ وَلهَذَا كَانَ الزَّنَادِقَةُ الْمُنَافِقُونَ مِن الْقَرَامِطَةِ الْبَاطِنِيَّةِ الْمُتَفَلْسِفَةِ وَأَمْثَالِهِمْ يَمِيلُونَ إلَى الرَّافِضَةِ وَالْجَهْمِيَّة لِقرْبِهِم مِنْهُمْ.
وَمِن أَهْلِ الْبِدَعِ مَن يَكُونُ فِيهِ إيمَانٌ بَاطِنًا وَظَاهِرًا (٢)، لَكِنْ فِيهِ جَهْلٌ وَظُلْمٌ، حَتَّى أَخْطَأَ مَا أَخْطَأَ مِن السُّنَّةِ، فَهَذَا لَيْسَ بِكَافِر وَلَا مُنَافِقٍ.
ثُمَّ:
أ- قَد يَكُونُ مِنْهُ عُدْوَانٌ وَظُلْمٌ يَكُونُ بِهِ فَاسِقًا أَو عَاصِيًا.
ب- وَقَد يَكونُ مُخْطِئًا مُتَأَوِّلًا مَغْفُورًا لَهُ خَطَؤُهُ.
ج- وَقَد يَكون مَعَ ذَلِكَ مَعَهُ مِن الْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى مَا يَكُونُ مَعَهُ مِن وِلَايَةِ اللهِ بِقَدْرِ إيمَانِهِ وَتَقْوَاهُ.
فَهَذَا أَحَدُ الْأَصْلَيْنِ.
وَالْأَصْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْمَقَالَةَ تَكُونُ كُفْرًا؛ كَجَحْدِ وُجُوبِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ، وَتَحْلِيلِ الزنى وَالْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَنِكَاحِ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ.
ثُمَّ الْقَائِلُ بِهَا قَد يَكُونُ بِحَيْثُ لَمْ يَبْلُغْهُ الْخِطَابُ، وَكَذَا لَا يكفرُ بِهِ
(١) فيُعامل معاملة المنافقين؛ كحال الرافضة الذين لا يُظهرون الرفض المحض في مجتمعات أهل السُّنَّة والجماعة.
(٢) تأمل: مبتدع يكون فيه إيمان ظاهرًا وباطنًا!! وهذه الجملة لو لم تصدر من شيخ الإسلام لأنكرها من أنكرها، لكنه الخبير بعلوم الشريعة وأسرارها ومقاصدها.
وعلى هذا: فلا يجوز بغض المبتدع مطلقًا، والقسوة عليه، وعدم قبول الحق الذي يصدر منه، بل يجب النظر في نوع البدعة وحال المبتدع.