وَالْقُرْآنُ لَيْسَ فِيهِ إيجَابُ الْعِدَّةِ بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ إلَّا عَلَى الْمُطَلَّقَاتِ، لَا عَلَى مَن فَارَقَهَا زَوْجُهَا بِغَيْرِ طَلَاقٍ، وَلَا عَلَى مَن وُطِئَتْ بِشُبْهَة، وَلَا عَلَى الْمَزْنِيِّ بِهَا.
فَإِذَا مَضَت السُّنَّةُ بِأَنَّ الْمُخْتَلعَةَ إنَّمَا عَلَيْهَا الاِعْتِدَادُ بِحَيْضَة، الَّذِي هُوَ اسْتِبْرَاءٌ، فَالْمَوْطُوءَةُ بِشُبْهَة، وَالْمَزْنِيُّ بِهَا: أَوْلَى بِذَلِكَ كَمَا هُوَ أَحَدُ الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمَد فِي الْمُخْتَلعَةِ؛ وَفي الْمَزْنِيِّ بِهَا، وَالْمَوْطُوءَةُ بِشُبْهَةِ دُونَ الْمَزْنِيِّ بِهَا؛ وَدُونَ الْمُخْتَلَعَة. فَبِأَيِّهِمَا أُلْحِقَتْ لَمْ يَكن عَلَيْهَا إلَّا الاِعْتِدَادُ بِحَيْضَةِ كَمَا هُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ. ٣٢/ ٣٤٠
* * *
(هل الْمُطَلَّقَة ثَلَاثًا عَلَيْهَا الاِسْتِبْرَاءُ أو الاِعْتِدَادُ بِثَلَاثِ حِيَضٍ؟)
٤٦٠٥ - ثَبَتَ عَن النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّهُ أَمَرَ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ لَمَّا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا آخِرَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ أَنْ تَعْتَدَّ، وأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، ثُمَّ أَمَرَهَا بِالاِنْتِقَالِ إلَى بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ.
وَالْحَدِيثُ وَإِنْ لَمْ يَكُن فِي لَفْظِهِ أَنْ تَعْتَدَّ ثَلَاثَ حِيَضٍ فَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ مَن بَلَغَنَا قَوْلُهُ مِن الْعُلَمَاءِ، فَإِنْ كَانَ هَذَا إجْمَاعًا فَهُوَ الْحَقُّ، وَالْأُمَّةُ لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ.
وَإِن كَانَ مِن الْعُلَمَاءِ مَن قَالَ: إنَّ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا إنَّمَا عَلَيْهَا إلَّا (١) الاِسْتِبْرَاءُ لَا الاِعْتِدَادُ بِثَلَاثِ حِيَضٍ: فَهَذَا لَهُ وَجْةٌ قَوِيٌّ، بِأَنْ يَكُونَ طُول الْعِدَّةِ فِي مُقَابَلَةِ اسْتِحْقَاقِ الرَّجْعَةِ، وَهَذَا هُوَ السَّبَبُ فِي كَوْنِهَا جُعِلَتْ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ.
فَمَن لَا رَجْعَةَ عَلَيْهَا: لَا تَتَرَبَّصُ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ، وَلَيْسَ فِي ظَاهِرِ الْقُرْآنِ إلَّا مَا يُوَافِقُ هَذَا الْقَوْلَ لَا يُخَالِفُهُ، وَكَذَلِكَ لَيْسَ فِي ظَاهِرِهِ إلَّا مَا يُوَافِقُ الْقَوْلَ الْمَعْرُوفَ لَا يُخَالِفُهُ.
(١) لعل الصواب حذف أداة الاستثناء، ومن غير المعروف دخولها على أداة الحصر (إنما). واللّه أعلم.