فَقَالَ طَائِفَة مِن الْفُقَهَاءِ: يَصِحُّ الْعَقْدُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ، كَمَا يَقُولُهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَيَكُونُ الْعَقْدُ لَازِمًا.
وَلَو شَرَطَ الْخِيَارَ فِي النِّكَاح. فَالْأَظْهَرُ فِي هَذَا الشَّرْطِ: أَنَّهُ يَصِحُّ، وَإِذَا قِيلَ بِبُطْلَانِهِ: لَمْ يَكُن الْعَقْدُ لَازِمًا بِدُونهِ؛ فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي الشَّرْطِ الْوَفَاءُ، وَشَرْطُ الْخِيَارِ مَقْصُود صَحِيحٌ لَا سِيَّمَا فِي النِّكَاحِ.
وَهَذَا يُبْنَى عَلَى أَصْل وَهُوَ: أَنَّ شَرْطَ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ: هَل الْأَصْلُ صِحَّتُهُ أَو الْأَصْلُ بُطْلَانُهُ؟ فَالْأَوَّلُ قَوْلُ أَئِمَّةِ الْفُقَهَاءِ.
وَكَذَلِكَ تَعْلِيقُ النّكَاحِ عَلَى شَرْطٍ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ.
وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّ مُقْتَضَى الْأُصُولِ وَالنُّصُوصِ: أَنَّ الشَّرْطَ يَلْزَمُ إلَّا إذَا خَالَفَ كِتَابَ اللهِ، وَإِذَا كَانَ لَازِمًا لَمْ يَلْزَم الْعَقْدُ بِدُونهِ؛ فَالْمُسْلِمُونَ كُلُّهُم يُجَوّزُونَ أَنْ يَشْتَرِطَ فِي الْمَهْرِ شَيْئًا مُعَيَّنًا؛ مِثْلُ هَذَا الْعَبْد وَهَذِهِ الْفَرَس وَهَذِهِ الدَّار، لَكِنْ يَقُولُونَ: إذَا تَعَذَّرَ تَسْلِيمُ الْمَهْرِ لَزِمَ بَدَلُهُ، فَلَمْ يَمْلِك الْفَسْخَ، وَإِن كَانَ الْمَنْعُ مِن جِهَتِهِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِلْأُصُولِ.
وَإِن كَانَ الشَّرْطُ بَاطِلًا وَلَمْ يَعْلَم الْمُشْتَرِطُ بِبُطْلَانِهِ: لَمْ يَكن الْعَقْدُ لَازِمًا؛ بَل إنْ رَضِيَ بِدُونِ الشَّرْطِ وإِلَّا فَلَهُ الْفَسْخُ.
هَذَا هُوَ الْأَصْلُ.
وَأَمَّا إلْزَامُهُ بِعَقْدٍ لَمْ يَرْضَ بهِ وَلَا أَلْزَمَهُ الشَّارعُ أَنْ يَعْقِدَهُ: فَهَذَا مُخَالِفٌ لِأصُولِ الشَّرْعِ، وَمُخَالِفٌ لِلْعَدْلِ الًّذِي أَنْزَلَ اللّهُ بِهِ الْكِتَابَ وَأَرْسَلَ بِهِ الرُّسُلَ. ٢٩/ ٣٤٦ - ٣٥٢
* * *
حال من مات وهو لم يتزوج
٤٦١١ - مَن مَاتَ مِن النِّسَاءِ وَلَمْ يَتَزَوَّجْنَ فَإِنَّهَا تُزَوَّجُ فِي الْآخِرَةِ، وَكَذَلِكَ مَن مَاتَ مِن الرِّجَالِ فَإِنَّهُ يَتَزَوَّجُ فِي الآخِرَةِ. ٤/ ٣١٠
* * *