بِمُحَرَّمٍ؛ فَالطَّلَاقُ الْمُبَاحُ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ هُوَ أَنْ يُطَلِّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ طَلْقَةً وَاحِدَةً إذَا طَهُرَتْ مِن حَيْضَتِهَا بَعْدَ أَنْ تَغْتَسِلَ وَقَبْلَ أَنْ يَطَأَهَا، ثُمَّ يَدَعَهَا فَلَا يُطَلِّقَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا.
وَهَذَا الطَّلَاقُ يُسَمَّى: طَلَاقَ السُّنَّةِ.
فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَرْتَجِعَهَا فِي الْعِدَّةِ: فَلَهُ ذَلِكَ بِدُونِ رِضَاهَا وَلَا رضى وَليِّهَا وَلَا مَهْرٍ جَدِيدٍ.
وَإِن تَرَكَهَا حَتَّى تَقْضِيَ الْعِدَّةَ: فَعَلَيْهِ أَنْ يُسَرِّحَهَا بِإِحْسَان فَقَد بَانَتْ مِنْهُ.
فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ، لَكِنْ يَكُونُ بِعَقْدٍ، كَمَا لَو تَزَوَّجَهَا ابْتِدَاءً، أَو تَزَوَّجَهَا غَيْرُهُ، ثُمَّ ارْتَجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ، أَو تَزَوَّجَهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ وَأَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا، فَإِنَّهُ يُطَلّقُهَا كَمَا تَقَدَّمَ.
ثُمَّ إذَا ارْتَجَعَهَا، أَو تَزَوَّجَهَا مَرَّةً ثَانِيَةً وَأَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَإِنَّهُ يُطَلِّقُهَا كَمَا تَقَدَّمَ.
فَإِذَا طَلَّقَهَا الطَّلْقَةَ الثَّالِثَةَ: حَرُمَتْ عَلَيْهِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ كَمَا حَرَّمَ اللهُ ذَلِكَ وَرَسُولُهُ.
وَحِينَئِذٍ فَلَا تُبَاحُ لَهُ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا غَيْرُهُ النِّكَاحَ الْمَعْرُوفَ الَّذِي يَفْعَلُهُ النَّاسُ إذَا كَانَ الرَّجُلُ رَاغِبًا فِي نِكَاحِ الْمَرْأَةِ ثُمَّ يُفَارِقُهَا.
فَأَمَّا إنْ تَزَوَّجَهَا بِقَصْدِ أَنْ يَحِلَّهَا لِغَيْرِهِ: فَإِنَّهُ مُحَرَّمٌ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ كَمَا نُقِلَ عَن الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُم بِإِحْسَان وَغَيْرِهِمْ، وَكَمَا دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ النُّصُوصُ النَّبَوِيَّةُ وَالْأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّة.
= في طُهْرِ لم يُصِبْهَا فيه ثُمَّ يَدَعَهَا حتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا" وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ.
وَلَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا في ثَلَاثَةِ أطْهَارٍ كان حُكمُ ذلك حُكمَ جَمْعِ الثَّلَاثِ في طُهْرِ وَاحِدٍ.
قال الْإِمَامُ أحْمَدُ رحمه الله: طَلَاقُ السُّنَّةِ وَاحِدَةٌ ثُمَّ يَتْرُكُهَا حتى تَحِيضَ ثَلَاثَ حِيَضٍ. ا هـ.