عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِذَا قَالُوا هُم وَأَئِمَّةُ التَّابِعِينَ: إنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ الْمَحْلُوفُ بِهِ بَل يُجْزِيه كَفَّارَةُ يَمِينٍ: كَانَ هَذَا الْقَوْلُ - مَعَ دَلَالَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ - إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ.
فَكَيْفَ يَسُوغُ لِمَن هُوَ مِن أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ أَنْ يُلْزِمَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- بِالْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْأَقْيِسَةِ الصَّحِيحَةِ الشَّرْعِيَّةِ، مَعَ مَا لَهُم مِن مَصْلَحَةِ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ؛ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ مِن صِيَانَةِ أَنْفُسِهِمْ وَحَرِيمِهِمْ وَأَمْوَالمْ وَأَعْرَاضِهِمْ وَصَلَاحِ ذَاتِ بَيْنِهِمْ وَصِلَةِ أَرْحَامِهِمْ وَاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى طَاعَةِ اللّهِ وَرَسُولِهِ؛ وَاسْتِغْنَائِهِمْ عَن مَعْصِيَةِ اللهِ وَرَسُولِهِ: مَا يُوجِبُ تَرْجِيحَهُ لِمَن لَا يَكُونُ عَارِفًا بِدَلَالَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَكَيْفَ بِمَن كَانَ عَارِفًا بِدَلَالَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. ٣٣/ ١٣٧ - ١٣٩
* * *
(الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ وَبَيْنَ الْحَلِفِ بِالنَّذْرِ)
٤٦٥٧ - الْفَرْقُ ظَاهِرٌ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَبَيْنَ الْحَلِفِ بِهِ، كَمَا يُعْرَفُ الْفَرْقُ بَيْنَ النَّذْرِ وَبَيْنَ الْحَلِفِ بِالنَّذْرِ:
- فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ يَطْلُبُ مِن اللهِ حَاجَةً فَقَالَ: إنْ شَفَى اللهُ مَرَضِي، أَو قَضَى دَيْنِي، أَو خَلَّصَنِي مِن هَذ الشِّدَّةِ، فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، أَو أَصُومَ شَهْرًا، أَو أَعْتِقَ رَقَبَةً، فَهَذَا تَعْلِيقُ نَذْرٍ، يَجِبُ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِهِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ.
- وَإِذَا علّقَ النَّذْرَ عَلَى وَجْهِ الْيَمِينِ فَقَالَ: إنْ سَافَرْت مَعَكُمْ، إنْ زَوَّجْت فُلَانًا، أَنْ أَضْرِبَ فُلَانًا.
إنْ لَمْ أُسَافِرْ مِن عِنْدِكمْ: فَعَلَيَّ الْحَجُّ، أَو: فَمَالِي صَدَقَةٌ، أَو: فَعَلَيَّ عِتْقٌ، فَهَذَا عِنْدَ الصَّحَابَةِ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ هُوَ حَالِفٌ بِالنَّذْرِ لَيْسَ بِنَاذِر، فَإِذَا لَمْ يَفِ بِمَا الْتَزَمَهُ أَجْزَأَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ.