مُعْتَقِدًا أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ: لَمْ يَقَعْ بِهِ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِد التَّكَلُّمَ بِمَا يَعْتَقِدُهُ طَلَاقًا.
وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ لَو قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ: إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِق قَبْلَهُ ثَلَاثًا فَطَلَّقَهَا وَقَعَ الْمُنَجَّزُ عَلَى الرَّاجِحِ وَلَا يَقَعُ مَعَهُ الْمُعَلَّقُ. ٣٣/ ٢٤٠ - ٢٤٣
* * *
(الطَّلَاق الْمُحَرَّمُ)
٤٦٩١ - الطَّلَاقُ الْمُحَرَّمُ: كَالطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ وَفِي طُهْرٍ قَد أَصَابَهَا فِيهِ: حَرَامٌ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ، وَكَالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَهُوَ تَعَدٍّ لِحُدُودِ اللّهِ، وَفَاعِلُهُ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ كَمَا ذَكَرَ اللّهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} الطلاق: ١.
وَالظَّالِمُ لِنَفْسِهِ إذَا تَابَ تَابَ اللّهُ عَلَيْهِ؛ لِقَوْلِهِ: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (١١٠)} النساء: ١١٠ النساء: ١١٠، فَهُوَ إذَا اسْتَغْفَرَهُ غَفَرَ لَهُ وَرَحِمَهُ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ مِن الْمتَّقِينَ، فَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} الطلاق: ٢، ٣.
وَالَّذِينَ أَلْزَمَهُم عُمَرُ وَمَن وَافَقَهُ بِالطَّلَاقِ الْمُحَرَّمِ (١): كَانُوا عَالِمِينَ بِالتَّحْرِيمِ، وَقَد نُهُوا عَنْهُ فَلَمْ يَنْتَهُوا فَلَمْ يَكُونُوا مِن الْمُتَّقِينَ، فَهُم ظَالِمُونَ لِتَعَدِّيهِم الْحُدُودَ مُسْتَحِقُّونَ لِلْعُقُوبَةِ.
وَلذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِبَعْضِ الْمُسْتَفْتِينَ: إنَّ عَمَّك لَمْ يَتَّقِ اللّهَ فَلَمْ يَجعَلْ لَهُ فَرَجًا وَلَا مَخْرَجًا، وَلَو اتَّقَى اللهَ لَجَعَلَ لَهُ فَرَجًا وَمُخْرَجًا.
(١) ثبت في صحيح مسلم (١٤٧٢) أنه قيل لِابْنِ عَبَّاسٍ: "أَلَمْ يَكُنِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللّهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَأبِي بَكْرٍ وَاحِدَةً"؟ فَقَالَ: "قَد كَانَ ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ فِي عَهْدِ عُمَرَ تَتَايَعَ النَّاسُ فِي الطَّلَاقِ، فَأَجَازَهُ عَلَيْهِمْ".
قوله: تَتَايَعَ؛ أي: تتابع وهما بمعنى واحد، ومعناه: أكثروا منه وأسرعوا إليه.