٤٧٨٣ - الْيَتِيمُ فِي الْآدَمِيِّينَ: مَن فَقَدَ أَبَاهُ؛ لِأَنَّ أَبَاهُ هُوَ الَّذِي يُهَذِّبُهُ، وَيَرْزُقُهُ، وَيَنْصُرُهُ بِمُوجَب الطَّبْعِ الْمَخْلُوقِ؛ وَلهَذَا كَانَ تَابِعًا فِي الدِّينِ لِوَالِدِهِ، وَكَانَ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ، وَحَضَانَتهُ عَلَيْهِ.
وَالْإِنْفَاقُ هُوَ الرّزْقُ، والْحَضَانَةُ هِيَ النَّصْرُ؛ لِأَنَّهَا الْإِيوَاءُ وَدَفْعُ الْأَذَى.
فَإِذَا عُدِمَ أبُوهُ طَمِعَت النُّفُوسُ فِيهِ .. ؛ فَلِهَذَا أَعْظَمَ اللهُ أَمْرَ الْيَتَامَى فِي كِتَابِهِ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ. ٣٤/ ١٠٩
٤٧٨٤ - مَا دَامَ الْوَلَدُ عِنْدَهَا أي: عند الأم وَهِيَ تُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَقَد أَخَذَتْهُ عَلَى أَنْ تُنْفِقَ عَلَيْهِ مِن عِنْدِهَا وَلَا تَرْجِعَ عَلَى الْأَبِ: لَا نَفَقَةَ لَهَا بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ؛ أَيْ: لَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَتْ هَذِهِ الْمُدَّةَ، لَكِنْ لَو أَرَادَتْ أَنْ تَطْلُبَ بِالنَّفَقَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلِلْأَبِ أَنْ يَأْخُذَ الْوَلَدَ مِنْهَا أَيْضًا، فَإِنَّهُ لَا يُجْمَعُ لَهَا بَيْنَ الْحَضَانَةِ فِي هَذِهِ الْحَالِ وَمُطَالَبَةِ الْأَبِ بِالنَّفَقَةِ مَعَ مَا ذَكَرْنَا بِلَا نِزَاعٍ.
لَكِنْ لَو اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ: فَهَل يَكُونُ الْعَقْدُ بَيْنَهُمَا لَازِمًا؟ هَذَا فِيهِ خِلَافٌ، وَالْمَشْهُورُ مِن مَذْهَبِ مَالِكٍ هُوَ لَازِمٌ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا ضَرَرَ لِلْأَب فِي هَذَا الاِلْتِزَامِ. ٣٤/ ١١٠
* * *
(الراجح في حَضَانَةِ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ)
٤٧٨٥ - فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ مِن الْعُلَمَاءِ فِي حَضَانَةِ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ هَل هِيَ لِلْأَبِ أَو لِلْأُمِّ أَو يُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا؟ فَإِنَّ كَثِيرًا مِن كُتُب أَصْحَابِ أَحْمَد إنَّمَا فِيهَا أَنَّ الْغلَامَ إذَا بَلَغَ سَبْعَ سِنِينَ خُيّرَ بَيْنَ أَبَوَيْهِ (١)، وَأَمَّا الْجَارِيةُ فَالْأَبُ أَحَقُّ بِهَا.
وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَكَرُوا هَذَا كالخرقي وَغَيْرِهِ بَلَغَهُم بَعْضُ نُصُوصِ أَحْمَد فِي
(١) وبهذا يُفتي الشيخ. يُنظر: (٣٤/ ١٣٣).