(هَل تجب الْكَفَّارَة على الْقَاتِلِ عَمْدًا أَو خَطَأً؟)
٤٨٢٧ - قَتْلُ الْخَطَأِ: لَا يَجِبُ فِيهِ إلَّا الدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ وَلَا إثْمَ فِيهِ.
وَأمَّا الْقَاتِلُ عَمْدًا فَعَلَيْهِ الْإِثْمُ، فَإِذَا عفا عَنْهُ أَوْليَاءُ الْمَقْتُولِ أَو أَخَذُوا الدِّيَةَ: لَمْ يَسْقُطْ بِذَلِكَ حَق الْمَقْتُولِ فِي الْآخِرَةِ.
وَإِذَا قَتَلُوهُ: فَفِيهِ نِزَاعٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد، وَالْأظْهَرُ أَنْ لَا يَسْقُطَ، لَكِنَّ الْقَاتِلَ إذَا كَثُرَتْ حَسَنَاتُة أخِذَ مِنْهُ بَعْضُهَا مَا يَرْضَى بِهِ الْمَقْتُولُ، أَو يُعَوِّضُهُ اللهُ مِن عِنْدِهِ إذَا تَابَ الْقَاتِلُ تَوْبَةً نَصُوحًا.
وَقَاتِلُ الْخَطَأِ تَجِبُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَاتِّفَاقِ الْأمَّةِ.
وَالدِّيَةُ تَجِبُ لِلْمُسْلِمِ وَالْمُعَاهَدِ كَمَا قَد دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ، وَهُوَ قَوْلُ السَّلَفِ وَالْأئِمَّةِ، وَلَا يُعْرَفُ فِيهِ خِلَافٌ مُتَقَدِّمٌ، لَكنَّ بَعْضَ مُتَأَخِّرِي الظَّاهِرِيَّةِ زَعَمَ أَنَّ الذمي (١) لَا دِيَةَ لَهُ.
وَامَّا الْقَاتِلُ عَمْدًا: فَفِيهِ الْقَوَدُ، فَإِن اصْطَلَحُوا عَلَى الدِّيَةِ جَازَ ذَلِكَ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ، فَكَانَت الدِّيَةُ مِن مَالِ الْقَاتِلِ، بِخِلَافِ الْخَطَاِ فَإِنَّ دِيَتَهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ.
وَأمَّا الْكَفَّارَةُ: فَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ يَقُولُونَ: قَتْلُ الْعَمْدِ أَعْظَمُ مِن أنْ يُكَفَّرَ، كَذَلِكَ قَالُوا فِي الْيَمِينِ الْغَمُوسِ، هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ.
كَمَا اتَّفَقُوا كُلُّهُم عَلَى أَنَّ الزِّنَى أَعْظَمُ مِن أَنْ يُكَفَّرَ؛ فَإِنَّمَا وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ بِوَطْءِ الْمُظَاهِرِ وَالْوَطْءِ فِي رَمَضَانَ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَد فِي الرِّوَايَةِ الْأخْرَى: بَل تَجِبُ الْكَفَّارَةُ فِي الْعَمْدِ وَالْيَمِينِ الْغَمُوسِ.
(١) في الأصل وجميع كتب الشيخ: "أنَّهُ الَّذِي"، والمثبت من: "المسائل والأجوبة" للشيخ (ص ١٣٩)، وهو أصوب.