عَرَفَ مَا عَرَفَهُ مِن شَرِيعَةِ الرَّسُولِ أَنْ يَتْرُكَ مَا عَلِمَهُ مِن شَرْعِ الرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم - لِأَجْلِ هَذَا؟
لَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا أَمْرٌ عَظِيمٌ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى وَعِنْدَ مَلَائِكَتِهِ وَأَنْبِيَائِهِ وَعِبَادِهِ، وَاللهُ لَا يَغْفُلُ عَن مِثْل هَذَا. ٣٥/ ٣٧٨ - ٣٨١
٥٠١٩ - لَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكمَ بِأَنَّ هَذَا أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَأَنَّ هَذَا الْعَمَلَ طَاعَةٌ أَو قُرْبَةٌ، أَو لَيْسَ بِطَاعَة وَلَا قُرْبَةٍ، وَلَا بِأَنَّ السَّفَرَ إلَى الْمَسَاجِدِ وَالْقُبُورِ وَقَبْرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يُشْرَعُ أَو لَا يُشْرَعُ، لَيْسَ لِلْحُكَّامِ فِي هَذَا مَدْخَلٌ، إلَّا كَمَا يَدْخُلُ فِيهِ غَيْرُهُم مِن الْمُسْلِمِينَ؛ بَل الْكَلَامُ فِي هَذَا لِجَمِيعِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -، فَمَن كَانَ عِنْدَهُ عِلْم تَكَلَّمَ بِمَا عِنْدَهُ مِن الْعِلْمِ.
وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْكُمَ عَلَى عَالِمٍ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ (١)؛ بَل يُبَيِّنُ لَهُ أَنَّهُ قَد أَخْطَأَ:
- فَإِنْ بَيَّنَ لَهُ بِالْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي يَجِبُ قَبُولُهَا أَنَّهُ قَد أَخْطَأَ، وَظَهَرَ خَطَؤُهُ لِلنَّاسِ وَلَمْ يَرْجِعْ بَل أَصَرَّ عَلَى إظْهَارِ مَا يُخَالِفُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَالدُّعَاءَ إلَى ذَلِكَ: وَجَبَ أَنْ يُمْنَعَ مِن ذَلِكَ وَيُعَاقَبَ إنْ لَمْ يَمْتَنِعْ.
- وَأَمَّا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ لَهُ ذَلِكَ بالْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ: لَمْ تَجُزْ عُقُوبَتُهُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا مَنْعُهُ مِن ذَلِكَ الْقَوْلِ (٢).
فَإِنَّ اللهَ إنَّمَا أَوْجَبَ عَلَى النَّاسِ اتِّبَاعَ الرَّسُولِ وَطَاعَتَهُ، وَاتِّبَاعَ حُكْمِهِ وَأَمْرِهِ وَشَرْعِهِ وَدِينِهِ، وَهُوَ حُجَّةُ اللهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَهُوَ الَّذِي فَرَّقَ اللهُ بِهِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَالْهُدَى وَالضَّلَالِ، وَالرَّشَادِ وَالْغَيِّ. ٣٥/ ٣٨٢ - ٣٨٣
٥٠٢٠ - عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - قَد قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِيهِ: "إنَّهُ قَد كانَ فِي
(١) لا القضاة ولا الحكام، وهذا بإجماع العلماء كما ذكره الشيخ رَحَمِهُ اللهُ، بل خطأ العالم يُواجه بالحجة والبرهان، لا بالقوة والتخويف والتهديد والسجن.
(٢) كالدروس والمحاضرات والخطب والإفتاء.