وَأَعْظَمُ عَوْنٍ لِوَلِيِّ الْأَمْرِ خَاصَّة وَلغَيْرِهِ عَامَّةً ثَلَاثَةُ أُمُورٍ:
أَحَدُهَا: الْإِخْلَاصُ للهِ وَالتوَكُّلُ عَلَيْهِ بِالدُّعَاءِ وَغَيْرِهِ، وَأَصْلُ ذَلِكَ الْمُحَافَظَةُ عَلَى الصَّلَوَاتِ بِالْقَلْبِ وَالْبَدَنِ.
الثَّانِي: الْإِحْسَانُ إلَى الْخَلْقِ بِالنَّفْعِ وَالْمَالِ الَّذِي هُوَ الزَّكَاةُ.
الثَّالِثُ: الصَّبْرُ عَلَى أَذَى الْخَلْقِ وَغَيْرِهِ مِن النَّوَائِبِ. ٢٨/ ٣٦١
٥١٧٦ - لَيْسَ حُسْنُ النِّيَّةِ بِالرَّعِيَّةِ وَالْإِحْسَانِ إلَيْهِم: أَنْ يَفْعَلَ مَا يَهْوُونَهُ وَيتْرُكَ مَا يَكْرَهُونَهُ، فَقَد قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ} المؤمنون: ٧١.
وَإِنَّمَا الْإِحْسَانُ إلَيْهِم فِعْلُ مَا يَنْفَعُهُم فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَلَو كَرِهَهُ مَن كَرِهَهُ، لَكِنْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَرْفُقَ بِهِم فِيمَا يَكْرَهُونَهُ، فَفِي "الصَّحِيحَيْنِ" (١) عَن النَبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "مَا كَانَ الرِّفْقُ فِي شَيءٍ إلا زَانَهُ وَلَا كَانَ الْعُنْفُ فِي شَيءٍ إلَّا شَانَهُ".
وَهَكَذَا كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- إذَا أَتَاهُ طَالِبُ حَاجَةٍ لَمْ يَرُدَّهُ إلَّا بِهَا أَو بِمَيْسُور مِن الْقَوْلِ.
وإذَا حَكَمَ عَلَى شَخْصٍ فَإِنَّهُ قَد يَتَأذَّى، فَإِذَا طَيَّبَ نَفْسَهُ بِمَا يَصْلُحُ مِنَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ كَانَ ذَلِكَ تَمَامَ السِّيَاسَةِ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا يُعْطِيهِ الطَّبِيبُ لِلْمَرِيضِ مِنَ الطِّبِّ الَّذِي يُسوغُ الدَّوَاء الْكَرِيه، وَقَد قَالَ اللهُ لِمُوسَى -عليه السلام- لَمَّا أَرْسَلَهُ إلَى فِرْعَوْنَ-: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (٤٤)} طه: ٤٤.
وَهَذَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الرَّجُلُ فِي سِيَاسَةِ نَفْسِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَرَعِيَّتِهِ؛ فَإِنَّ النُّفُوسَ لَا تَقْبَلُ الْحَقَّ إلَّا بِمَا تَسْتَعِينُ بِهِ مِن حُظُوظِهَا الَّتِي هِيَ مُحْتَاجَةٌ إلَيْهَا، فَتَكُونُ تِلْكَ الْحُظُوظُ عِبَادَةً للهِ وَطَاعَةً لَهُ مَعَ النِّيَّةِ الصَّالِحَةِ. ٢٨/ ٣٦٤ - ٣٦٦
(١) رواه البخاري (٦٠٣٠)، ومسلم (٢٥٩٤) واللفظ لمسلم.