وَذَلِكَ الشِّجَارُ بِالْأَلْسِنَةِ وَالْأَيْدِي (١): أَصْلٌ لِمَا جَرَى بَيْنَ الْأُمَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا.
فَلْيَعْتَبِرِ الْعَاقِلُ بِذَلِكَ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ. ٣٥/ ٥٠ - ٥١
* * *
خطورة قتال المسلم، وعظم إثمه
٥٢٠٧ - وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللهُ: عَن طَائِفَتَيْنِ مِن الْفَلَّاحِينَ اقْتَتَلَتَا فَكَسَرَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى، وَانْهَزَمَتِ الْمَكْسُورَةُ وَقُتِلَ مِنْهُم بَعْدَ الْهَزِيمَةِ جَمَاعَةٌ: فَهَل يُحْكَمُ لِلْمَقْتُولِينَ مِن الْمَهْزُومِينَ بِالنَّارِ؟
فَأَجَابَ: إنْ كَانَ الْمُنْهَزِمُ قَد انْهَزَمَ بِنِيَّةِ التَّوْبَةِ عَن الْمُقاتَلَةِ الْمُحَرَّمَةِ لَمْ يُحْكَمْ لَهُ بِالنَّارِ؛ فَإِنَّ اللهَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَن عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَن السَّيِّئَات.
وَأَمَّا إنْ كَانَ انْهِزَامُهُ عَجْزًا فَقَطْ وَلَو قَدَرَ عَلَى خَصْمِهِ لَقَتَلَهُ فَهُوَ فِي النَّارِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "إذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ" (٢).
فَالْمَقْتُولُ قَد يُقَالُ: إنَّهُ بِمُصِيبَةِ الْقَتْلِ قَد يُخَفَّفُ عَنْهُ الْعَذَابُ وَإِن كَانَ مِن أَهْلِ النَّارِ، وَمُصِيبَةُ الْهَزِيمَةِ دُونَ مُصِيبَةِ الْقَتْلِ.
فَظَهَرَ أَنَّ الْمَهْزُومَ أَسْوأُ حَالًا مِن الْمَقْتُولِ إذَا كَانَ مُصِرًّا عَلَى قَتْلِ أخِيهِ، وَمَن تَابَ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. ٣٥/ ٥١ - ٥٢
* * *
(الفرق بَيْنَ الْخَوَارِجِ الْمَارِقِينَ وَبَيْنَ الْبُغَاةِ الْمُتَأَوِّلِينَ)
٥٢٠٨ - جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْخَوَارجِ الْمَارِقِينَ وَبَيْنَ أَهْلِ الْجَمَلِ وصفين، وَغَيْرِ أَهْلِ الْجَمَلِ وصفين مِمَن يُعَدُّ مِن الْبُغَاةِ الْمُتَأَوِّلينَ.
(١) الذي حصل بين الصحابة.
(٢) رواه البخاري (٣١)، ومسلم (٢٨٨٨).