وَكَانَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ عَلَى الشَّامِ إلَى أَنْ وُلِّيَ عُمَرُ، فَمَاتَ يَزِيدُ بْنُ أبِي سُفْيَانَ، فَاسْتَعْمَلَ عُمَرُ مُعَاوَيةَ مَكَانَ أَخِيهِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَبَقِيَ مُعَاوَيَةُ عَلَى وِلَايَتِهِ تَمَامَ خِلَافَتِهِ، وَعُمَرُ وَرَعِيَّتُهُ تَشْكُرُهُ وَتَشْكُرُ سِيرَتَهُ فِيهِمْ، وَتُوَالِيهِ وَتُحِبُّهُ لِمَا رَأَوْا مِن حُلْمِهِ وَعَدْلِهِ، حَتَّى أَنَّهُ لَمْ يَشْكُهُ مِنْهُم مُشْتَكٍ، وَلَا تظلَّمه مِنْهُم مُتَظَلِّمٌ.
وَيَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيةَ لَيْسَ مِن أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَإِنَّمَا وُلدَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ، وَإِنَّمَا سَمَّاهُ يَزِيدَ بَاسِمِ عَمِّهِ مِن الصَّحَابَةِ.
وَقَد شَهِدَ مُعَاوِيَةُ، وَأَخُوهُ يَزِيدُ، وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، وَالْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ وَغَيْرُهُم مِن مُسْلِمَةِ الْفَتْحِ مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- غَزْوَةَ حنين، وَدَخَلُوا فِي قَؤله تَعَالَى: {ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (٢٦)} التوبة: ٢٦.
وَهَؤُلَاءِ الْمَذْكُورُونَ دَخَلُوا فِي قَوْله تَعَالَى: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} الحديد: ١٠؛ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ الطُّلَقَاءَ مُسْلِمَةُ الْفَتْحِ هُم مِمَن أَنْفَقَ مِن بَعْدِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ، وَقَد وَعَدَهُم اللهُ الْحُسْنَى؛ فَإِنَّهُم أَنْفَقُوا بحنين وَالطُّائِفِ، وَقَاتَلُوا فِيهِمَا -رضي الله عنهم-.
وَقَد أَسْلَمَ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ: خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَعَمْرُو بْنُ العاص، وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ الحجبي وَغَيْرُهُمْ.
وَأسْلَمَ بَعْدَ الطُّلَقَاءِ: أَهْلُ الطَّائِفِ، وَكَانُوا آخِرَ النَّاسِ إسْلَامًا، وَكَانَ مِنْهُم عُثْمَانُ بْنُ أَبِي العاص الثَّقَفِي الَّذِي أَمَّرَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى أَهْلِ الطَّائِفِ، وَكَانَ مِن خِيَارِ الصَّحَابَةِ، مَعَ تَأَخُّرِ إسْلَامِهِ.
فَقَد يَتَأَخَّرُ إسْلَامُ الرَّجُلِ وَيَكُونُ أَفْضَلَ مِن بَعْضِ مَن تَقَدَّمَهُ بِالْإِسْلَامِ، كَمَا إسْلَامُ عُمَر، فَإِنَّهُ يُقَالُ: إنَّهُ أَسْلَمَ تَمَامَ الْأَرْبَعِينَ، وَكَانَ مِمَن فَضَّلَهُ اللهُ