وَهَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَعَامَّةِ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ، حَتَّى قَالَ (١): لَا يَخْتَلِفُ أَصْحَابُنَا أَنَّ قُعُودَ عَلِيٍّ عَن الْقِتَالِ كَانَ أَفْضَلَ لَهُ لَو قَعَدَ، وَهَذَا ظَاهِرٌ مِن حَالِهِ فِي تَلَوُّمِهِ فِي الْقِتَالِ، وَتبَرُّمِهِ بِهِ، وَمُرَاجَعَةِ الْحَسَنِ ابْنِهِ لَهُ فِي ذَلِكَ.
وَهَذَا يُعَارِضُ وُجُوبَ طَاعَتِهِ.
وَبِهَذَا احْتَجُّوا عَلَى الْإِمَامِ أَحْمَد فِي تَرْكِ التَّرْبِيعِ بِخِلَافَتِهِ؛ فَإِنَّهُ لَمَّا أَظْهَرَ ذَلِكَ قَالَ لَهُ بَعْضُهُمْ: إذَا قُلْت: كَانَ إمَامًا وَاجِبَ الطَّاعَةِ فَفِي ذَلِكَ طَعْنٌ عَلَى طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ، حَيْثُ لَمْ يُطِيعَاهُ بَل قَاتَلَاهُ.
فَقَالَ لَهُم أَحْمَد: إنِّي لَسْت مِن حَرْبِهِم فِي شَيْءٍ.
يَعْنِي: أنَّ مَا تَنَازَعَ فِيهِ عَلِيٌّ وَإِخْوَانُهُ لَا أَدْخُلُ بَيْنَهُم فِيهِ؛ لِمَا بَيْنَهُم مِن الِاجْتِهَادِ وَالتَّأْوِيلِ الَّذِي هُم أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِن مَسَائِلِ الْعِلْمِ الَّتِي تَعْنِينِي حَتَّى أَعْرِفَ حَقِيقَةَ حَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَأَنَا مَأْمُورٌ بِالِاسْتِغْفَارِ لَهُمْ، وَأنْ يَكُونَ قَلْبِي لَهُم سَلِيمًا، وَمَأْمُورٌ بِمَحَبَّتِهِمْ وَمُوَالَاتِهِمْ، وَلَهُم مِن السَّوَابِقِ وَالْفَضَائِلِ مَا لَا يُهْدَرُ، وَلَكِنَّ اعْتِقَادَ خِلَافَتِهِ وَإِمَامَتِهِ ثَابِتٌ بِالنَّصِّ، وَمَا ثَبَتَ بِالنَّصِّ وَجَبَ اتِّبَاعُهُ، وَإِن كَانَ بَعْضُ الْأَكَابِرِ تَرَكَهُ (٢). ٤/ ٤٣٧ - ٤٣٨
* * *
مذاهب العلماء في يزيد بن معاوية، والراجح عند الشيخ
٥٢٢٢ - افْتَرَقَ النَّاسُ فِي يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ ثَلَاثُ فِرَقٍ: طَرَفَانِ وَوَسَطٌ:
= ولم يروها أحد من أصحاب الكتب الستة، وقد جاء عند الحاكم (٨٣٦٢)، والضياء في المختارة (١٠٠٩) -والشيخ ينقل عنه ويعتمد تصحيحه في أحاديث كثيرة-: "وَالسَّاعِي فِيهَا خَيرٌ مِنَ الرَّاكِب، والراكب فِيهَا خير من الْمُوضع".
(١) لا أعرف من اَلقائل! إلا أن يكون من الناقل لفتوى الشيخ.
(٢) أسهب الشيخ بعد ذلك في ذكر خلاف العلماء في الْقِتَالِ مَعَ عَلِيٍّ -رضي الله عنه-، هل هو واجبٌ أو مكروه، وذكر أدلة الفريقين.
ثم رجح الشيخ عدم القتال.