وَلَو لَمْ نَخَفْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ: جَازَ رَمْيُ أُولَئِكَ الْمُسْلِمِينَ أَيْضًا فِي أَحَدِ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ.
وَمَن قُتِلَ لِأَجْلِ الْجِهَادِ الَّذِي أَمَرَ اللهُ بِهِ وَرَسُولُهُ -هُوَ فِي الْبَاطِنِ مَظْلُومٌ- كَانَ شَهِيدًا وَبُعِثَ عَلَى نِيَّتِهِ، وَلَمْ يَكُن قَتْلُهُ أَعْظَمَ فَسَادًا مِن قَتْلِ مَن يُقْتَلُ مِن الْمُؤْمِنِينَ الْمُجَاهِدِينَ. ٢٨/ ٥٣٤ - ٥٣٨
٥٢٤٦ - إِنَّ الْنُصَيْرِيَّة مِن أَعْظَمِ النَّاسِ كُفْرًا .. وَهُم مُرْتَدُّونَ مِن أَسْوَأِ النَّاسِ رِدَّةً، تُقْتَلُ مُقَاتِلَتُهُمْ، وَتَغْنَمُ أَمْوَالُهُمْ.
وَسَبْيُ الذُّرِّيَّةِ فِيهِ نِزَاعٌ، لَكِنَّ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ تُسْبَى الصِّغَارُ مِن أَوْلَادِ الْمُرْتَدِّينَ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ سِيرَةُ الصِّدِّيقِ فِي قِتَالِ الْمُرْتَدِّينَ.
وَكَذَلِكَ قَد تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي اسْتِرْقَاقِ الْمُرْتَدّةِ: فَطَائِفَةٌ تَقُولُ: إنَّهَا تُسْتَرَقُّ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَطَائِفَةٌ تَقُولُ: لَا تُسْتَرَقُّ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد.
وَالْمَعْرُوفُ عَن الصحَابَةِ هُوَ الْأَوَّلُ، وَأَنَّهُ تُسْتَرَقُّ مِنْهُ الْمُرْتَدَّاتُ نِسَاءُ الْمُرْتَدِّينَ؛ فَإِنَّ الْحَنَفِيَّةَ الَّتِي تَسَرَّى بِهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ -رضي الله عنه- أُمَّ ابْنِهِ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ مِن سَبْيِ بَنِي حَنِيفَةَ الْمُرْتَدِّينَ الَّذِينَ قَاتَلَهُم أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ -رضي الله عنه- وَالصَّحَابَةُ لَمَّا بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَليدِ فِي قِتَالِهِمْ.
وَأَمَّا إذَا لَمْ يُظْهِرُوا الرَّفْضَ .. وَامْتَنَعُوا: فَإِنَّهُم يُقَاتَلُونَ أَيْضًا، لَكِنْ يُقَاتَلُونَ كَمَا يُقَاتَلُ الْخَوَارِجُ الْمَارِقُونَ.
وَلَا تُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ، وَلَا تُغْنَمُ أَمْوَالُهُم الَّتِي لَمْ يَسْتَعِينُوا بِهَا عَلَى الْقِتَالِ.
وَمَن كَانَ دَاعِيًا مِنْهُم إلَى الضَّلَالِ لَا يَنْكَفُّ شَرُّهُ إلَّا بِقَتْلِهِ: قُتِلَ أَيْضًا، وَإِن أَظْهَرَ التَّوْبَةَ، وَإِن لَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ؛ كَأَئِمَّةِ الرَّفْضِ الَّذِينَ يُضِلُّونَ النَّاسَ، كَمَا قَتَلَ الْمُسْلِمُونَ غَيْلَانَ الْقَدَرِيَّ، وَالْجَعْدَ بْنَ دِرْهَمٍ، وَأَمْثَالَهُمَا مِن الدُّعَاةِ. ٢٨/ ٥٥٣ - ٥٥٥
* * *