لَئِنْ عَجَزْت عجزة لَا أَعْتَذِرْ … سَوْفَ أُكِيسُ بَعْدَهَا وَأَسْتَمِرُّ
وَتَبَيَّنَ لَهُ فِي آخِرِ عُمْرِهِ أَنْ لَو فَعَلَ غَيْرَ الَّذِي كَانَ فَعَلَهُ لَكَانَ هُوَ الْأَصْوَبَ. ٣٥/ ١٢٥ - ١٢٦
* * *
(بيانُ عدمِ صحةِ نسبِ الدولةِ العبيدية)
٥٢٥٧ - كَيْفَ تَكُون الْعِصْمَةُ فِي ذُرِّيَّةِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مَيْمُونٍ الْقَدَّاحِ مَعَ شُهْرَةِ النِّفَاقِ وَالْكَذِبِ وَالضَّلَالِ؟
فَكَيْفَ يَدَّعِي الْعِصْمَةَ مَن ظَهَرَتْ عَنْهُ الْفَوَاحِشُ وَالْمُنْكَرَاتُ وَالظُّلْمُ وَالْبَغْيُ وَالْعُدْوَانُ، وَالْعَدَاوَةُ لِأَهْلِ الْبِرِّ وَالتَّقْوَى مِن الْأُمَّةِ، وَالِاطْمِئْنَانُ لِأَهْلِ الْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ، فَهُم مِن أَفْسَقِ النَّاسِ، وَمِن أَكْفَرِ النَّاسِ، وَمَا يَدَّعِي الْعِصْمَةَ فِي النِّفَاقِ وَالْفُسُوقِ إلَّا جَاهِلٌ مَبْسُوطُ الْجَهْلِ، أَو زِنْدِيقٌ يَقُولُ بِلَا عِلْمٍ.
وَمِن الْمَعْلُومِ الَّذِي لَا رَيْبَ فِيهِ أَنَّ مَن شَهِدَ لَهُم بِالْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى أَو بِصِحَّةِ النَّسَب فَقَد شَهِدَ لَهُم بِمَا لَا يَعْلَمُ، وَقَد قَالَ الله تَعَالَى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} الإسراء: ٣٦.
وَهَؤُلَاءِ الْقَوْمُ يَشْهَدُ عَلَيْهِم عُلَمَاءُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا وَجَمَاهِيرُهَا أَنَّهُم كَانُوا مُنَافِقِينَ زَنَادِقَة، يُظْهِرُونَ الْإِسْلَامَ وَيُبْطِنُونَ الْكُفْرَ.
وَكَذَلِكَ النَّسَبُ قَد عُلِمَ أَنَّ جُمْهُورَ الْأُمَّةِ تَطْعَنُ فِي نَسَبِهِمْ، وَيَذْكُرُونَ أَنَّهُم مِن أَوْلَادِ الْمَجُوسِ أَو الْيَهُودِ.
هَذَا مَشْهُورٌ مِن شَهَادَةِ عُلَمَاءَ الطَّوَائِفِ مِن الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَأَهْلِ الْحَدِيثِ، وَأَهْلِ الْكلَامِ، وَعُلَمَاءِ النَّسَبِ، وَالْعَامَّةِ وَغَيْرِهِمْ.
وَهَذَا أَمْرٌ قَد ذَكَرَهُ عَامَّةُ الْمُصَنِّفِينَ لِأَخْبَارِ النَّاسِ.
حَتَّى صَنَّفَ الْعُلَمَاءُ فِي كَشْفِ أَسْرَارِهِمْ وَهَتْكِ أَسْتَارِهِمْ، كَمَا صَنَّفَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَانِي كِتَابَهُ الْمَشْهُورَ فِي كَشْفِ أَسْرَارِهِمْ وَهَتْكِ أَسْتَارِهِمْ،