لِلْأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ فَإِنَّمَا هُوَ مِن الْعَقْلِ الْفَعَّالِ؛ وَلهَذَا يَقُولُونَ: النُّبُوَّةُ مُكْتَسَبَة فَإِذَا تَفَرَّغَ صَفَا قَلْبُهُ -عِنْدَهُم- وَفَاضَ عَلَى قَلْبِهِ مِن جِنْسِ مَا فَاضَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ.
وَعِنْدَهُم أَنَّ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ -صلى الله عليه وسلم- كُلِّمَ مِن سَمَاءِ عَقْلِهِ؛ لَمْ يَسْمَعْ الْكَلَامَ مِن خَارِجٍ، فَلِهَذَا يَقُولُونَ: إنَّهُ يَحْصُلُ لَهُم مِثْلُ مَا حَصَلَ لِمُوسَى وَأَعْظَمُ مِمَّا حَصَلَ لِمُوسَى.
وأَبُو حَامِدٍ يَقُولُ: إنَّهُ سَمِعَ الْخِطَابَ كَمَا سَمِعَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَإِن لَمْ يَقْصِدْ هُوَ بِالْخِطَابِ، وَهَذَا كُلُّهُ لِنَقْصِ إيمَانِهِمْ بِالرُّسُلِ، وَأَنَّهُم آمَنُوا بِبَعْضِ مَا جَاءَت بِهِ الرُّسُلُ وَكَفَرُوا بِبَعْضِ، وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ بَاطِلٌ. ١٠/ ٣٩٦ - ٣٩٨
٥٢٨٢ - الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ (١) وَنَحْوُهُ مِن أَعْظَمِ مَشَايِخِ زَمَانِهِمْ أمْرًا بِالْتِزَامِ الشَّرْعِ وَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَتَقْدِيمِهِ عَلَى الذَّوْقِ وَالْقَدَرِ، وَمِن أَعْظَمِ الْمَشَايِخِ أَمْرًا بِتَرْكِ الْهَوَى وَالْإِرَادَةِ النَّفْسِيَّةِ. ١٠/ ٤٨٨
٥٢٨٣ - إنَّك تَجِدُ كَثِيرًا مِن الشُّيُوخِ إنَّمَا يَنْتَهِي إلَى ذَلِكَ الْجَمْعِ وَهُوَ "تَوْحِيدُ الرُّبُوبِيَّةِ" وَالْفِنَاءُ فِيهِ، كَمَا فِي كَلَامِ صَاحِبِ "مَنَازِلِ السَّائِرِينَ" مَعَ جَلَالَةِ قَدْرِهِ مَعَ أَنَّهُ قَطْعًا كَانَ قَائِمًا بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ الْمَعْرُوفَيْنِ لَكِنْ قَد يَدَّعُونَ أَنَّ هَذَا لِأَجْلِ الْعَامَّةِ (٢). ١٠/ ٤٩٨
٥٢٨٤ - كِتَابُ قُوتِ الْقُلُوبِ، وكِتَابُ الْإِحْيَاءِ تَبَعٌ لَهُ فِيمَا يَذْكُرُهُ مِن أَعْمَالِ الْقُلُوبِ: مِثْل الصَّبْرِ وَالشُّكْرِ وَالْحُبِّ وَالتَّوَكُّلِ وَالتَّوْحِيدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَأَبُو طَالِبٍ أَعْلَمُ بِالْحَدِيثِ وَالْأَثَرِ وَكَلَامِ أَهْلِ عُلُومِ الْقُلُوبِ مِن الصُّوفِيَّةِ
(١) الجيلاني.
(٢) تأمل كيف ثثني على الجيلاني والهروي، وقد صدر منهما زلات في باب السلوك والعقيدة، ومع ذلك يُحْسِن الظن بهما، ويحمل كلامهما على أحسن محمل.
ولو وُجد أمثالهما في زماننا فكيف سيتعامل معهما من لم يحتمل مشايخ ودعاة السُّنَّة، الذين بدر منهم أمور لم تمس العقيدة، والذين ليس عندهم نزعة صوفية، بل لهم اجتهادات فقهية ودعوية، وحديث في قضايا الأمة ونحو ذلك!