رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ"، وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ أَكْثَرِ النَّاسِ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا حَلَالًا، وَفِيهِ عَن أُسَامَةَ: "أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- لَمْ يُصَلِّ فِي الْبَيْتِ"، وَفِيهِ عَن بِلَالٍ: أَنَّهُ صلَّى فِيهِ، وَهَذَا أَصَحُّ عِنْدَ الْعُلَمَاء.
وَأَمَّا مُسْلِمٌ فَفِيهِ أَلْفَاظٌ عُرِفَ أَنَّهَا غَلَطٌ، كَمَا فِيهِ: "خَلَقَ اللهُ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ"، وَقَد بَيَّنَ الْبُخَارِيُّ أَنَّ هَذَا غَلَطٌ، وَأَنَّ هَذَا مِن كَلَامِ كَعْبٍ، وَفِيهِ أَنَّ "النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- صَلَّى الْكُسُوفَ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ فِي كُل رَكْعَةٍ"، وَالصَّوَابُ: أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الْكُسُوفَ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَة، وَفِيهِ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ سَأَلَهُ التَّزَوُّجَ بِأُمِّ حَبِيبَةَ وَهَذَا غَلَطٌ، وَهَذَا مِن أَجَلِّ فُنُونِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ يُسَمَّى: عِلْمَ "عِلَلِ الْحَدِيثِ".
وَأَمَّا كِتَابُ حِلْيَةِ الْأَوْليَاءِ فَمِن أَجْوَدِ مُصَنَّفَاتِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي أَخْبَارِ الزُّهَّادِ، وَفِيهِ مِن الْحِكَايَاتِ مَا لَمْ يَكُن بهِ حَاجَةٌ إلَيْهِ، وَالْأَحَادِيثُ الْمَرْوِيَّةُ فِي أَوَائِلِهَا أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ ضَعِيفَةٌ بَل مَوْضُوعَةٌ. ١٨/ ٧١ - ٧٣
٥٢٩٦ - إنَّ كِتَابَ "تَنَقُّلَاتِ الْأَنْوَارِ" الْمَنْسُوبُ إلَى "أَحْمَد بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَكْرِيِّ" مِن أَعْظَمِ الْكتُبِ كَذِبًا وَافْتِرَاءً عَلَى اللهِ وَرَسُولِهِ وَعَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم-. ١٨/ ٣٥١
٥٢٩٧ - إسْحَاق بْن رَاهَويه قَرِينُ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ، وَيُوَافِقُهُ فِي الْمَذْهَبِ: أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ وَقَوْلُهمَا كَثِيرًا مَا يُجْمَعُ بَيْنَهُ.
وَالْكَوْسَجُ سَأَلَ مَسَائِلَهُ لِأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ، وَكَذَلِكَ حَرْبٌ الكرماني سَأَلَ مَسَائِلَهُ لِأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ، وَكَذَلِكَ غَيْرُهُمَا؛ وَلهَذَا يَجْمَغ التِّرْمِذِيُّ قَوْلَ أَحْمَد وَإِسْحَاقَ، فَإِنَّهُ رَوَى قَوْلَهُمَا مِن مَسَائِلِ الْكَوْسَجِ.
وَكَذَلِكَ أَبُو زُرْعَةَ وَأَبُو حَاتِمٍ وَابْنُ قُتَيْبَةَ وَغَيْرُ هَؤلَاءِ مِن أَئِمَّةِ السَّلَفِ وَالسُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ، وَكَانُوا يَتَفَقَّهُونَ عَلَى مَذْهَبِ أَحْمَد وَإِسْحَاقَ، يُقَدِّمُونَ قَوْلَهُمَا عَلَى أَقْوَالِ غَيْرِهِمَا، وَأَئِمَّةُ الْحَدِيثِ؛ كَالْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِي وَغَيْرِهِمْ هُم أَيْضًا مِن أَتْبَاعِهِمَا وَمِمَن يَأْخُذُ الْعِلْمَ وَالْفِقْهَ عَنْهُمَا، ودَاوُد مِن أَصْحَابِ إسْحَاقَ.