٥٣١١ - أَبُو طَالِبٍ رَحِمَهُ اللهُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ السالمية أَتْبَاعُ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ سَالِمٍ، صَاحِبِ سَهْلِ بْنِ عَبْدِ اللهِ التستري: لَهُم مِن الْمَعْرِفَةِ وَالْعِبَادَةِ وَالزُّهْدِ وَاتِّبَاعِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي عَامَّةِ الْمَسَائِلِ الْمَشْهُورَةِ لِأَهْلِ السُّنَّةِ مَا هُم مَعْرُوفُونَ بِهِ، وَهُم مُنْتَسِبُونَ إلَى إمَامَيْنِ عَظِيمَيْنِ فِي السُّنَّةِ: الْإِمَامِ أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ، وَسَهْلِ بْنِ عَبْدِ اللهِ التستري، وَمِنْهُم مَن تَفَقَّهَ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكِ بْنِ أَنَس كَبَيْتِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِمْ وَفِيهِمْ مَن هُوَ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ.
فَاَلَّذِينَ يَنْتَسِبُونَ إلَيْهِم أَو يُعَظِّمُونَهُم وَيَقْصِدُونَ مُتَابَعَتَهُمْ: أَئِمَّةُ هُدًى رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ، وَهُم فِي ذَلِكَ كَأَمْثَالِهِمْ مِن أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ.
وَقَل طَائِفَةٌ مِن الْمُتَأَخِّرِينَ إلَّا وَقَعَ فِي كَلَامِهَا نَوْعُ غَلَطٍ لِكَثْرَةِ مَا وَقَعَ مِن شُبَهِ أَهْلِ الْبِدَع.
وَهَؤُلَاءِ وَقَعَ فِي كَلَامِهِمْ أَشْيَاءُ، أَنْكَرُوا بَعْضَ مَا وَقَعَ مِن كَلَامِ أَبِي طَالِب فِي الصِّفَاتِ -مِن نَحْوِ الْحُلُولِ وَغَيْرِهِ- أَنْكَرَهَا عَلَيْهِم أَئِمَّةُ الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَنَسَبُوهُم إلَى الْحُلُولِ مِن أَجْلِهَا؛ وَلهَذَا تَكَلَّمَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِر فِي أَبِي عَلِئ الْأَهْوَازِيِّ، لَمَّا صَنَّفَ هَذَا مَثَالِبَ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ، وَهَذَا مَنَاقِبَهُ، وَكَانَ أَبُو عَلِيٍّ الْأَهْوَازِيُّ مِن السالمية، فَنَسَبَهُم طَائِفَةٌ إلَى الْحُلُولِ.
وَالْقَاضِي أَبُو يَعْلَى لَهُ كِتَابٌ صَنَّفَهُ فِي الرَّدِّ عَلَى السالمية.
وَهُم فِيمَا يُنَازِعُهُم الْمُنَازِعُونَ فِيهِ -كَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَغَيْرِهِ وَكَأَصْحَابِ الْأَشْعَرِيِّ وَغَيْرِهِمْ مَن يُنَازِعُهُم- مِن جِنْسِ تَنَازُعِ النَّاسِ: تَارَةً يُرَدُّ عَلَيْهِم حَقٌّ وَبَاطِلٌ، وَتَارَةً يُرَدُّ عَلَيْهِم حَقٌّ مِن حَقِّهِمْ، وَتَارَةً يُرَدُّ بَاطِل بِبَاطِل، وَتَارَةً يُرَدُّ بَاطِلٌ بِحَقِّ.
وَكَذَلِكَ ذَكَرَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ فِي تَارِيخِهِ أَنَّ جَمَاعَةً مِن الْعُلَمَاءِ أَنْكرُوا بَعْضَ مَا وَقَعَ فِي كَلَامِ أَبِي طَالِبٍ فِي الصِّفَاتِ.
وَمَا وَقَعَ فِي كَلَامِ أَبِىِ طَالِبٍ مِن الْحُلُولِ سَرَى بَعْضُهُ إلَى غَيْرِهِ مِن الشُّيُوخِ الَّذِينَ أَخَذُوا عَنْهُ كَأَبِي الْحَكَمِ بْنِ برجان وَنَحْوِهِ.