وَيُوَاطِئُهُم عَلَى أَنْ يُكَلِّمُوهُ إذَا دَعَاهُم، وَيَشْهَدُوا لَهُ بِمَا طَلَبَهُ مِنْهُم؛ مِثْل أَنْ يَشْهَدُوا لَهُ بِأَنَّهُ الْمَهْدِيُّ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- الَّذِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمَهُ وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمَ أَبِيهِ، وَأَنَّهُ الَّذِي يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا وَظُلْمًا، وَأَنَّ مَن اتَّبَعَهُ أَفْلَحَ وَمَن خَالَفَهُ خَسِرَ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِن الْكَلَامِ، فَإِذَا اعْتَقَدَ أُولَئِكَ الْبَرْبَرُ أَنَّ الْمَوْتَى يُكَلِّمُونَهُ وَيَشْهَدُونَ لَهُ بِذَلِكَ عَظُمَ اعْتِقَادُهُم فِيهِ وَطَاعَتُهُم لِأَمْرِهِ، ثُمَّ إنَّ أُولَئِكَ الْمَقْبُورِينَ يَهْدِئم عَلَيْهِم الْقُبُورَ لِيَمُوتُوا وَلَا يُظْهِرُوا أَمْرَهُ وَاعْتَقِدَ أَنَّ دِمَاءَ أُولَئِكَ مُبَاحَةٌ بِدُونِ هَذَا وَأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ إظْهَارُ هَذَا الْبَاطِلِ لِيَقُومَ أُولَئِكَ الْجُهَّالُ بِنَصْرِهِ وَاتِّبَاعِهِ.
وَصَاحِبُ "الْمُرْشِدَةِ" كَانَت هَذِهِ عَقِيدَتَهُ كَمَا قَد صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي كِتَابِ لَهُ كَبِيرٍ شَرَحَ فِيهِ مَذْهَبَهُ فِي ذَلِكَ، ذَكَرَ فِيهِ أَنَّ اللهَ تَعَالَى وُجُودٌ مُطْلَقٌ كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ ابْنُ سِينَا وَابْنُ سَبْعِينَ وَأَمْثَالُهُمْ.
وَلهَذَا لَمْ يَذْكرْ فِي "مُرْشِدَتِهِ" الِاعْتِقَادَ الَّذِي يَذْكُرُهُ أَئِمَّةُ الْعِلْمِ وَالدِّينِ مِن أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالتَّصَوُّفِ وَالْكلَامِ وَغَيْرِهِمْ مِن أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ.
وَالتَّوْحِيدُ هُوَ مَا بَيَّنَهُ اللهُ تَعَالَى فِي كِتَابهِ وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ -صلى الله عليه وسلم-؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (٤)} الإخلاص: ١ - ٤.
فنفاة الْجَهْمِيَّة مِن الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ سَمَّوْا نَفْيَ الصِّفَاتِ تَوْحِيدًا .. وَصَاحِبُ الْمُرْشِدَةِ لَقَّبَ أَصْحَابَهُ مُوَحِّدِينَ اتِّبَاعًا لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ ابْتَدَعُوا تَوْحِيدًا مَا أَنْزَلَ اللهُ بِهِ مِن سُلْطَانٍ، وَأَلْحَدُوا فِي التَّوْحِيدِ الَّذِي أَنْزَلَ اللهُ بِهِ الْقُرْآنَ. ١١/ ٤٧٦ - ٤٩١
٥٣٢١ - الشَّهْرَستَانِي مَعَ تَصْنِيفِهِ فِي الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ يَذْكرُ فِي مَسْأْلَةِ الْكَلَامِ وَالْإِرَادَةِ وَغَيْرِهِمَا أَقْوَالًا لَيْسَ فِيهَا الْقَوْلُ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسنَّةُ وَإِن كَانَ بَعْضُهَا أَقْرَبَ.