وَإِن كَانَ فِيهَا تَعَاوُنٌ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ فَهِيَ مَنْهِيٌّ عَنْهَا؛ فَالِاخْتِلَاطُ بِالْمُسْلِمِينَ فِي جِنْسِ الْعِبَادَاتِ: كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَصَلَاةِ الْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ هُوَ مِمَّا أَمَرَ اللهُ بِهِ وَرَسُولُهُ.
وَكَذَلِكَ الِاخْتِلَاطُ بِهِم فِي الْحَجِّ وَفِي غَزْوِ الْكُفَّارِ وَالْخَوَارجِ الْمَارِقِينَ، وَإِن كَانَ أَئِمَّة ذَلِكَ فُجَّارًا، وَإِن كَانَ فِي تِلْكَ الْجَمَاعَاتِ فُجَّارٌ.
وَكَذَلِكَ الِاجْتِمَاعُ الَّذِي يَزْدَادُ الْعَبْدُ بِهِ إيمَانًا: إمَّا لِانْتِفَاعِهِ بِهِ وَإِمَّا لِنَفْعِهِ لَهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَلَا بُدَّ لِلْعَبْدِ مِن أَوْقَاتٍ يَنْفَرِدُ بِهَا بِنَفْسِهِ فِي دُعَائِهِ وَذِكْرِهِ وَصَلَاتِهِ وَتَفَكُّرِهِ وَمُحَاسَبَةِ نَفْسِهِ وَإِصْلَاحِ قَلْبِهِ وَمَا يَخْتَصُّ بِهِ مِن الْأُمُورِ الَّتِي لَا يَشْرَكُهُ فِيهَا غَيْرُهُ، فَهَذِهِ يَحْتَاجُ فِيهَا إلَى انْفِرَادِهِ بِنَفْسِهِ. ١٠/ ٤٢٥ - ٤٢٦
* * *
هل يُكْتَبُ لِلْمَجْنُونِ حَالَ جُنُونِهِ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَل فِي حَالِ إفَاقَتِهِ؟
٥٣٤٥ - لَا يُكْتَبُ لِلْمَجْنُونِ حَالَ جُنُونِهِ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ، كَمَا لَا يَكُونُ مِثْلُ ذَلِكَ لِسَيِّئَاتِهِ فِي زَوَالِ عَقْلِهِ بِالْأَعْمَالِ الْمُسْكِرَةِ وَالنَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ لَيْسَ لَهُ قَصْدٌ صَحِيحٌ.
وَلَكِنْ فِي "الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ" عَن أَبِي موسَى عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "إذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَو سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِن الْعَمَلِ مَا كَانَ يَعْمَلُ وَهُوَ صَحِيحٌ مُقِيمٌ" (١) ..
فَهَؤُلَاءِ كَانُوا قَاصِدِينَ لِلْعَمَلِ الَّذِي كَانوا يَعْمَلُونَهُ رَاغِبِينَ فِيهِ لَكِنْ عَجَزُوا فَصَارُوا بِمَنْزِلَةِ الْعَامِلِ، بِخِلَافِ مَن زَالَ عَقْلُهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ قَصْدٌ صَحِيحٌ وَلَا عِبَادَهٌ أَصْلًا، بِخِلَافِ أُولَئِكَ فَإِنَّ لَهُم قَصْدًا صَحِيحًا يُكْتَبُ لَهُم بِهِ الثوَابُ.
وَلَا يَكُونُ زَوَالُ عَقْلِهِ سَبَبًا لِمَزِيدِ خَيرِهِ وَلَا صَلَاحِهِ وَلَا ذَنْبِهِ، وَلَكنَّ
(١) أخرجه ابن حبان في صحيحه (٢٩٢٩).