مُشَابَهَةَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى لَيْسَتْ مَحْذورًا إلَّا فِيمَا خَالَفَ دِينَ الإسْلَامِ وَنُصُوصَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةَ وَالإِجْمَاعَ:
٥٣٩١ - إنَّ مُشَابَهَةَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى لَيْسَتْ مَحْذُورًا إلَّا فِيمَا خَالَفَ دِينَ الْإِسْلَامِ وَنُصُوصَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةَ وَالْإِجْمَاعَ.
وَإِلَّا فَمَعْلُومٌ أَنَّ دِينَ الْمُرْسَلِينَ وَاحِدٌ، وَأَنَّ التَّوْرَاةَ (١) وَالْقُرْآنَ خَرَجَا مِن مِشْكَاةٍ وَاحِدَةٍ.
وَقَدِ اسْتَشْهَدَ اللهُ بِأَهْلِ الْكِتَاب فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ حَتَّى قَالَ: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ} الأحقاف: ١٠، فَإِذَا أَشْهَدَ أَهْلَ الْكِتَابِ عَلَى مِثْل قَوْلِ الْمُسْلِمِينَ: كَانَ هَذَا حُجَّةً وَدَلِيلًا، وَهُوَ مِن حِكْمَةِ إقْرَارِهِمْ بِالْجِزْيَةِ.
فَيُفْرَحُ بِمُوَافَقَةِ الْمَقَالَةِ الْمَأخُوذَةِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ لِمَا يَأُثُرُهُ أَهْلُ الْكِتَابِ عَنِ الْمُرْسَلِينَ قَبْلَهُمْ (٢)، وَيَكُونُ هَذَا مِن أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ، وَمِن حُجَجِ الرِّسَالَةِ، وَمِن الدَّلِيلِ عَلَى اتفَاقِ الرُّسُلِ. ١٦/ ٢١٤
* * *
متى يُذم ويُحمد الحزن؟
٥٣٩٢ - فِي حَدِيثٍ عِنْدَ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ كَانَ كَثِيرَ الصَّمْتِ، دَائِمَ الْفِكْرِ، مُتَوَاصِلَ الْأَحْزَانِ.
وَأَمَّا الْحُزْنُ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْحُزْنَ الَّذِي هُوَ الْأَلَمُ عَلَى فَوْتِ مَطْلُوبٍ أَو حُصُولِ مَكْرُوهٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَلَمْ يَكُن مِن حَالِهِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ الِاهْتِمَامَ وَالتَيّقُّظَ لِمَا يَسْتَقْبِلُهُ مِن الْأمُورِ (٣). ١٦/ ٢٢١
* * *
(١) قبل التحريف.
(٢) أي: أن المسلم يفرح إذا وجد ما في التوراة مُوافقةً لِمَا في الكتاب والسُّنَّة.
(٣) وعلى هذا: فمن كان حزنُه على مصاب المسلمين تألُّمًا: فهو حزن منهيٌّ عنه، وإن كان حزنه=