بَل كَذَلِكَ حُبُّ الْمَالِ وَالصُّورَةِ، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ قَد يُحِبُّ ذَلِكَ وَلَا يَدْرِي؛ بَل نَفْسُهُ سَاكِنَةٌ مَا دَامَ ذَلِكَ مَوْجُودًا، فَإِذَا فَقَدَهُ ظَهَرَ مِن جَزَعِ نَفْسِهِ وَتَلَفِهَا مَا دَلَّ عَلَى الْمَحَبَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ. ١٦/ ٣٤٦ - ٣٤٧
* * *
الشَّارعُ حَكِيمٌ، لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ مُتَمَاثِلَيْنِ وَلَا يُسَوِّي بَيْنَ مُخْتَلِفَيْنِ:
٥٣٩٥ - الشَّارعُ حَكِيمٌ، لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ مُتَمَاثِلَيْنِ إلَّا لِاخْتِصَاصِ أحَدِهِمَا بِمَا يُوجِبُ الِاخْتِصَاصَ، وَلَا يُسَوِّي بَيْنَ مُخْتَلِفَيْنِ غَيْرِ مُتَسَاوَييْنِ؛ بَل قَد أَنْكَرَ سُبْحَانَهُ عَلَى مَن نَسَبَهُ إلَى ذَلِكَ وَقَبَّحَ مَن يَحْكُمُ بِذَلِكَ فَقَالَ تَعَالَى: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (٢٨)} ص: ٢٨. ١٧/ ١٢٧
* * *
الْحِكْمَةُ النَّاشِئَةُ مِن الْأَمْرِ ثَلَاَثةُ أَنْوَاعٍ:
٥٣٩٦ - الْحِكْمَةُ النَّاشِئَةُ مِن الأمْرِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعِ:
أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ فِي نَفْسِ الْفِعْلِ -وَإِن لَمْ يُؤمَرْ بِهِ- كَمَا فِي الصِّدْقِ وَالْعَدْلِ وَنَحْوِهِمَا مِنَ الْمَصَالِحِ الْحَاصِلَةِ لِمَن فَعَلَ ذَلِكَ وَإِن لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ، وَاللهُ يَأُمُرُ بِالصَّلَاحِ وَينْهَى عَن الْفَسَادِ.
وَالنَّوْعُ الثَّانِي: أَنَّ مَا أَمَرَ بِهِ وَنَهَى عَنْهُ صَارَ مُتَّصِفًا بِحُسْن اكْتَسَبَهُ مِنَ الْأَمْرٍ وَقُبْحٍ اكْتَسَبَهُ مِنَ النَّهْيِ؛ كَالْخَمْرِ الَّتِي كَانَت لَمْ تُحَرَّمُ ثُمَّ حُرِّمَتْ فَصَارَتْ خَبِيثَةً.
فَإِنْ قِيلَ: الْخَمْرُ قَبْلَ التَّحْرِيمِ وَبَعْدَهُ سوَاءٌ، فَتَخْصِيصُهَا بِالْخُبْثِ بَعْدَ التَّحْرِيمِ تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ؟
قِيلَ: لَيْسَ كَذَلِكَ؛ بَل إنَّمَا حَرَّمَهَا فِي الْوَقْتِ الَّذِي كَانَتِ الْحِكْمَةُ تَقْتَضِي تَحْرِيمَهَا، وَلَيْسَ مَعْنَى كَوْنِ الشَّيءِ حَسَنًا وَسَيِّئًا مِثْل كَوْنِهِ أَسْوَدَ وَأَبْيَضَ؛ بَل هُوَ