مَن أَتَاهُ الرَّسُولُ فَخَالَفَهُ فَقَد وَجَب عَلَيْه الْعَذَابُ:
٥٤٢١ - قَالَ تَعَالَى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (١٥)} الاسراء: ١٥، وَقَالَ تَعَالَى: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا} الزمر: ٧١ الْآيَاتِ، وَقَالَ تَعَالَى: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا} الملك: ٨ الْآيَتَيْنِ.
فَدَلَّتْ هَذِهِ الْآيَاتُ عَلَى أَنَّ مَن أَتَاهُ الرَّسُولُ فَخَالَفَهُ فَقَد وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَإِن لَمْ يَأُتِهِ إمَامٌ وَلَا قِيَاسٌ، وَأَنَّهُ لَا يُعَذَّبُ أَحَدٌ حَتَّى يَأْتِيَهُ الرَّسُولُ وَإِن أَتَاهُ إمَامٌ أَو قِيَاسٌ (١).
وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ} االنساء: ٦٩.
وَقَد ذَكَرَ سُبْحَانَهُ هَذَا الْمَعْنَى فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، فَبَيَّنَ أَنَّ طَاعَةَ اللهِ وَرَسُولِهِ مُوجِبَةٌ لِلسَّعَادَةِ، وَأَنَّ مَعْصِيَةَ اللهِ مُوجِبَة لِلشَّقَاوَةِ، وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ مَعَ طَاعَةِ اللهِ وَرَسْولِهِ لَا يَحْتَاجُ إلَى طَاعَةِ إمَامٍ أَو قِيَاسٍ، وَمَعَ مَعْصِيَةِ اللهِ وَرَسُولِهِ لَا يَنْفَعُ طَاعَةُ إمَامٍ أَو قِيَاسٍ.
وَفِي الْحَقِيقَةِ فَالْوَاجِبُ فِي الْأَصْلِ إنَّمَا هُوَ طَاعَةُ اللهِ،؛ لَكِنْ لَا سَبِيلَ إلَى الْعِلْمِ بِمَأُمُورِهِ وَبِخَبَرِهِ كُلِّهِ إلَّا مِن جِهَةِ الرُّسُلِ.
وَالْمُبَلِّغُ عَنْهُ:
أ- إمَّا مُبَلِّغٌ أَمْرَهُ وَكَلِمَاتِهِ فَتَجِبُ طَاعَتُهُ وَتَصْدِيقُهُ فِي جَمِيعِ مَا أَمَرَ وَأَخْبَرَ.
ب- وَإِمَّا مَا سِوَى ذَلِكَ فَإِنَّمَا يُطَاعُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ؛ كَالْأمَرَاءِ الَّذِينَ
(١) لعل صواب العبارة أن يُقال: "فَدَلَّتْ هَذِهِ الْآيَاتُ عَلَى أن مَن أتَاهُ الرَّسُولُ فَخَالَفَهُ فَقَد وَجَبَ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَإِن أَتَاهُ إمَامٌ أَو قِيَاسٌ، وَأَنَّهُ لَا يُعَذبُ أحَدٌ حَتَّى يَأُتِيَهُ الرَّسُولُ وَإِن لَمْ يَأُتِهِ إمَامٌ وَلَا قِيَاسٌ".
ويدل على ذلك ما ذكر في آخر الكلام.