(القاعدة المراكشيّة) (١)
(الصحابةُ تَلَقَّوْا عَن النبي حفظ وفهم الْقُرآنَ وَالسُّنَّةَ، ويدل على ذلك عدّة وجوه)
٤٤٣ - يَجِث عَلَى الْخَلْقِ الْإِقْرَارُ بِمَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَمَا جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ الْعَزِيزُ أَو السُّنَّةُ الْمَعْلُومَةُ وَجَبَ عَلَى الْخَلْقِ الْإِقْرَارُ بِهِ جُمْلَةً، وَتَفْصِيلًا عِنْدَ الْعِلْمِ بِالتَّفْصِيلِ، فَلَا يَكُونُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا حَتَّى يُقِرَّ بِمَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ تَحْقِيقُ شَهَادَةِ أَنْ لَا إلهَ إلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ.
إذَا تَبَيَّنَ هَذَا: فَقَد وَجَبَ عَلَى كُل مُسْلِمٍ تَصْدِيقهُ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ عَن اللهِ تَعَالَى مِن أَسْمَاءِ اللهِ وَصِفَاتِهِ، مِمَّا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ، وَفِي السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ عَنْهُ، كَمَا كَانَ عَلَيْهِ السَّابِقُونَ الْأوَّلُونَ مِن الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَاَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَاني الَّذِينَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم وَرَضُوا عَنْهُ.
فَإِنَّ هَؤُلَاءِ هُم الَّذِينَ تَلَقَّوْا عَنْهُ الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ، وَكَانُوا يَتَلَقَّوْنَ عَنْهُ مَا فِي ذَلِكَ مِن الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ.
وَهَذَا مَعْلُومٌ مِن وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ الْعَادَةَ الْمُطَّرِدَةَ الَّتِي جَبَلَ اللهُ عَلَيْهَا بَنِي آدمَ تُوجِبُ اعْتِنَاءَهُم بِالْقُرْآنِ الْمُنَزَّلِ عَلَيْهِم لَفْظًا وَمَعْنًى؛ بَل أَنْ يَكُونَ اعْتِنَاؤُهُم بِالْمَعْنَى أَوْكَدَ؛ فَإِنَّه قَد عُلِمَ أَنَّهُ مَن قَرَأَ كِتَابًا فِي الطِّبِّ أَو الْحِسَابِ أَو النَّحْوِ أَو الْفِقْهِ أو غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ رَاغِبًا فِي فَهْمِهِ وَتَصَوُّرِ مَعَانِيهِ، فَكَيْفَ بِمَن قَرَؤُوا كِتَابَ اللهِ تَعَالَى الْمُنَزَّلَ إلَيْهِم، الَّذِي بِهِ هَدَاهُم اللهُ، وَبِهِ عَرَّفَهُم الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ، وَالْخَيْرَ وَالشَّرَّ، وَالْهدَى وَالضَّلَالَ، وَالرَّشَادَ وَالْغَيَّ.
فَمِن الْمَعْلُومِ أَنَّ رَغْبَتَهُم فِي فَهْمِهِ وَتَصَوُّرِ مَعَانِيهِ أَعْظَمُ الرَّغَبَاتِ؛ بَل إذَا
(١) سأنتقي أهم الفوائد منها.