مِنْهُ الْعَرْشُ، فَأَقَرَّهُ الْإِمَامُ إسْحَاقُ عَلَى أَنَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ وَقَالَ لَهُ: يَقْدِرُ أَنْ يَنْزِلَ مِن غَيْرِ أَنْ يَخْلوَ مِنْهُ الْعَرْشُ؟ فَقَالَ لَهُ الْأَمِيرُ: نَعَمْ، فَقَالَ لَهُ إسْحَاقُ: لِمَ تَتَكَلَّمُ فِي هَذَا؟
يَقُولُ: فَإِذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى ذَلِكَ: لَمْ يَلْزَمْ مِن نُزُولهِ خُلُوُّ الْعَرْشِ مِنْهُ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْتَرَضَ عَلَى النُّزُولِ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ خُلُوُّ الْعَرْشِ.
٥/ ٣٧٤ - ٣٧٧
وَفي الْجُمْلَةِ: فَالْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ يَخْلُو مِنْهُ الْعَرْشُ طَائِفَة قَلِيلَةٌ مِن أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَجُمْهُورُهُم عَلَى أَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْهُ الْعَرْشُ، وَهُوَ الْمَأثُورُ عَن الْأَئِمَّةِ الْمَعْرُوفينَ بِالسُّنَّةِ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَن أَحَدٍ مِنْهُم بِإِسْنَاد صَحِيحٍ وَلَا ضَعِيفٍ أَنَ الْعَرْشَ يَخْلُو مِنْهُ (١). ٥/ ٣٩٦
* * *
(الردّ على مَا حَكَاهُ أَبُو حَامِدٍ الْغَزَالِيُّ عَن بَعْضِ الْحَنْبَلِيَّةِ: أَنَّ أَحْمَد لَمْ يَتَأَوَّلْ إلَّا ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ، وهل اخْتَلَفَ اجْتِهَادُ الإمام أحمد فِي تَأْوِيلِ الْمَجِيءِ وَالْإِتْيَانِ وَالنُّزُول؟ ومعنى الأثرين: "الْحَجَر الْأَسْوَدُ يَمِينُ اللهِ في الْأَرْضِ"، "إنِّي لَأَجِدُ نَفَسَ الرَّحْمَنِ مِن جِهَةِ الْيَمَنِ")
٤٥٦ - أَمَّا مَا حَكَاهُ أبُو حَامِدٍ الْغَزَالِيُّ عَن بَعْضِ الْحَنْبَلِيَّةِ: أَنَّ أَحْمَد لَمْ يَتَأوَّلْ إلَّا ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ: "الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ يَمِينُ اللهِ فِي الْأَرْضِ" (٢)، وَ"قُلُوبُ الْعِبَادِ
(١) قال الشيخ بعد ذلك وقد ذكر الأقوال وأعادها: الْقَوْلُ الثَّالِثُ - وَهُوَ الصَّوَابُ وَهُوَ الْمأثُورُ عَن سَلَفِ الْأمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا -: أنَّهُ لَا يَزَالُ فَوْقَ الْعَرْشِ، وَلَا يَخْلُو الْعَرْشُ مِنْهُ، مَعَ دُنُوِّهِ وَنُزُولهِ إلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَلَا يَكُونُ الْعَرْشُ فَوْقَهُ.
وَكَذَلِكَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ كَمَا جَاءَ بهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَةُ، وَلَيْسَ نُزُولُهُ كَنُزُولِ أجْسَامِ بَنِي آدَمَ مِن السَّطْحِ إلَى الْأَرْضِ، بِحَيْثُ يَبْقَى السَّقْفُ فَوْقَهُمْ؛ بَل اللهُ مُنَزَّهٌ عَن ذَلِكَ.
(٢) قال ابن الجوزي في العلل المتناهية (٢/ ٥٧٥): لا يصح، وقال الألباني في السلسلة الضعيفة (٢٢٣): منكر، وقال ابن عثيمين ني مجموع فتاويه (١/ ٢٥٦): موضوع باطل وفي ثبوته عن ابن عباس نظر.