ويُرَادُ بِهَا الْمُمَاثَلَةُ، فَيُقَالُ: هَذَا يُنَاسِبٌ هَذَا: أَيْ: يُمَاثِلُهُ، وَاللهُ -سبحانه وتعالي- أَحَدٌ صَمَدٌ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَهُ كُفُوًا أحَدٌ.
ويُرَاد بِهَا الْمُوَافَقَةُ فِي مَعْنًى مِن الْمَعَانِي، وَضِدُّهَا الْمُخَالَفَةُ.
وَالْمُنَاسَبَةُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ: ثَابِتَةٌ؛ فَإنَّ أَوْليَاءَ اللهِ تَعَالَى يُوَافِقُونَهُ فِيمَا يَأمُرُ بِهِ فَيَفْعَلُونَهُ، وَفيمَا يُحِبُّهُ فَيُحِبُّونَهُ، وَفِيمَا نَهَى عَنْهُ فَيَتْرُكُونَهُ، وَفيمَا يُعْطِيهِ فَيُصِيبُونَهُ.
وَاللهُ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ، جَمِيل يُحِبُّ الْجَمَالَ، عَلِيمٌ يُحِبُّ الْعِلْمَ، نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ.
فَإِذَا أُرِيدَ بِالْمُنَاسَبَةِ هَذَا وَأَمْثَالُهُ: فَهَذِهِ الْمُنَاسَبَةُ حَقٌّ، وَهِيَ مِن صِفَاتِ الْكمَالِ؛ فَإنَّ مَن يُحِبُّ صِفَاتِ الْكَمَالِ أَكْمَلُ مِمَن لَا فَرْقَ عِنْدَهُ بَيْنَ صِفَاتِ النَّقْصِ وَالْكَمَالِ، أَو لَا يُحِبُّ صِفَاتِ الْكَمَالِ (١). ٦/ ١١٤ - ١١٥
* * *
(يُفَرَّقُ بَيْنَ دُعَاء الله وَالْإِخْبَارِ عَنْهُ، فَلَا يدْعَى إلَّا بِالْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى، وَأَمَّا الْإِخْبَارُ عَنْهُ فيُخبَر عنه بغيرها بشرط ألَا يَكونَ بِاسْمٍ سَيِّئٍ)
٤٨٦ - قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} الأعراف: ١٨٠. وَالْحُسْنَى: الْمُفَضَّلَةُ عَلَى الْحَسَنَةِ، وَالْوَاحِدُ الْأَحَاسِنُ.
وَقَد يُقَالُ: جِنْسُ "الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى" بِحَيْثُ لَا يَجُوزُ نَفْيُهَا عَنْهُ كَمَا فَعَلَهُ الْكُفَّارُ، وَأَمَرَ بِالدُّعَاءِ بِهَا، وَأَمَرَ بِدُعَائِهِ مُسَمًّى بِهَا، خِلَافُ مَا كَانَ عَلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ مِن النَّهْيِ عَن دُعَائِهِ بِاسْمِهِ الرَّحْمَنِ.
فَقَد يُقَالُ: قَوْلُهُ: {فَادْعُوهُ بِهَا} أَمْرٌ أَنْ يُدْعَى بِالْأسْمَاءِ الْحُسْنَى، وَأَنْ لَا
(١) إلى هنا انتهت الفوائد المنتقاة من الرِّسَالَة الأكملية.