الْبِدَع (١)؛ فَلَمَّا تبَيَّنَ لنَا مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ: دَارَ الْأمْرُ:
أ - بَيْنَ أَنْ نتَّبعَ مَا أَنْزَلَ اللهُ.
ب - أَو نتَّبعَ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا.
فَكَانَ الْوَاجِبُ هُوَ اتِّبَاعُ الرَّسُولِ، وَأَنْ لَا نَكُونَ مِمَن قِيلَ فِيهِ: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} لقمان: ٢١، وَقَد قَالَ تَعَالَى: {قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ} الزخرف: ٢٤.
فَالْوَاجِبُ اتِّبَاع الْكتَابِ الْمُنَزَّلِ، وَالنَّبِيِّ الْمُرْسَلِ، وَسَبِيلِ مَن أَنَابَ إلَى اللهِ، فَاتَّبَعْنَا الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ؛ كَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، دُونَ مَا خَالَفَ ذَلِكَ مِن دِينِ الْآبَاءِ وَغَيْرِ الَآبَاءِ. ٦/ ٢٥٨
* * *
(مَا يَحْتَجُّ بهِ الْمُبْطِلُ مِن الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْعَقْلِيَّةِ إنَّمَا تَدُلُّ عَلَى الْحَقِّ، لَا تَدُلُّ عَلَى قَوْلِ الْمُبْطِلِ)
٤٩٥ - قَاعِدَةٌ شَرِيفَةٌ: وَهِيَ أَنَّ جَمِيعَ مَا يَحْتَجُّ بِهِ الْمُبْطِلُ مِن الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْعَقْلِيَّةِ إنَّمَا تَدُلُّ عَلَى الْحَقِّ، لَا تَدُلُّ عَلَى قَوْلِ الْمُبْطِلِ.
وَهَذَا ظَاهِرٌ يَعْرِفُة كُلُّ أَحَدٍ، فَإِنَّ الدَّلِيلَ الصَّحِيحَ لَا يَدُلُّ إلَّا عَلَى حَق لَا عَلَى بَاطِلٍ.
يَبْقَى الْكَلَامُ فِي أَعْيَانِ الْأَدِلَّةِ، وَبَيَانِ انْتِفَاءِ دَلَالَتِهَا عَلَى الْبَاطِلِ وَدَلَالَتِهَا عَلَى الْحَقِّ: هُوَ تَفْصِيلُ هَذَا الْإِجْمَالِ.
وَالْمَقْصُودُ هُنَا شَيْءٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّ نَفْسَ الدَّلِيلِ الَّذِي يَحْتَجُّ بِهِ الْمُبْطِلُ هُوَ بِعَيْنِهِ إذَا أُعْطي حَقُّهُ وَتَمَيَّزَ مَا فِيهِ مِن حَقٍّ وَبَاطِلٍ وَبُيِّنَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ: تَبَيَّنَ أَنَّهُ
(١) فالشيخ نشأ على ما كان عليه آباؤه والكثير من مشايخه، وكان هو وغيرُه يرون الزيارة البدعية، وينفون أو يُؤوِّلون بعض الصفات؛ كالنزول والاستواء، ومع ذلك لم يستمر على ذلك؛ بل لَمَّا تبين له خطأ ذلك أنكره وهجر البدع، وتمسك بالسنَّة.