إلَى مَجَازِهِ، فَأنَا أَذْكُرُ فلَخَّصَ الْكَلَامِ الَّذِي جَرَى بَيْنِي وَبَيْنَ بَعْضِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ (١)، وَهُوَ مَا حَكَيْته لَك وَطَلَبْته، وَكَانَ إنْ شَاءَ اللهُ لَهُ وَلغَيْرِهِ بِهِ مَنْفَعَةٌ عَلَى مَا فِي الْحِكَايَةِ مِن زَيادَةٍ وَنَقْصٍ وَتَغْيِيرٍ.
قَالَ لِي بَعْضُ النَّاسِ: إذَا أَرَدْنَا أنْ نَسْلُكَ طَرِيقَ سَبِيلِ السَّلَامَةِ وَالسُّكُوتِ
وَهِيَ الطَّرِيقَةُ الَّتِي تَصْلُحُ عَلَيْهَا السَّلَامَةُ: قُلْنَا كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ -رضي الله عنه-: آمَنْت بِاللهِ وَبِمَا جَاءَ عَن اللهِ عَلَى مُرَادِ اللهِ، وَآمَنْت بِرَسُولِ اللهِ وَمَا جَاءَ عَن رَسُولِ اللهِ عَلَى مُرَادِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-.
وَإِذَا سَلَكْنَا سَبِيلَ الْبَحْثِ وَالتَّحْقِيقِ: فَإِنَّ الْحَقَّ مَذْهَبُ مَن يَتَأَوَّلُ آياتِ الصِّفَاتِ وَأَحَادِيثَ الصِّفَاتِ مِن الْمُتَكَلِّمِينَ.
فَقُلْت لَهُ: أَمَّا مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ فَإِنَّهُ حَقٌّ يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَعْتَقِدَهُ، وَمَن اعْتَقَدَهُ وَلَمْ يَأْتِ بِقَوْل يُنَاقِضُهُ فَإِنَّهُ سَالِكٌ سَبِيلَ السَّلَامَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
وَأَمَّا إذَا بَحَثَ الْإِنْسَانُ وَفَحَصَ: وَجَدَ مَا يَقُوُلهُ الْمُتَكَلِّمُونَ مِن التَّأوِيلِ الَّذِي يُخَالِفُونَ بِهِ أَهْلَ الْحَدِيثِ كُلَّهُ بَاطِلًا، وَتَيَقَّنَ أَن الْحَقَّ مَعَ أَهْلِ الْحَدِيثِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا.
فَاسْتَعْظَمَ ذَلِكَ وَقَالَ: أَتُحِبُّ لِأَهْلِ الْحَدِيثِ أَنْ يَتَنَاظَرُوا فِي هَذَا؟
فَتَوَاعَدْنَا يَوْمًا، فَكَانَ فِيمَا تَفَاوَضْنَا: أَنَّ أمَّهَاتِ الْمَسَائِلِ الَّتِي خَالَفَ فِيهَا مُتَأخِّرُو الْمُتَكَلِّمِينَ -مِمَن يَنْتَحِلُ مَذْهَبَ الْأَشْعَرِيِّ- لِأَهْلِ الْحَدِيثِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ:
أ - وَصْفُ اللهِ بِالْعُلُوِّ عَلَى الْعَرْشِ.
(١) هذه من عادته كذلك، أنه يستر على المخطئ إلا إذا كان من الدعاة للبدعة المحرضين عليها، فيُشْهره لئلا يُغتر به، ويُحْذَرَ من أفكارِه.