(الفرق بين النور والنار، وهل يُسَمَّى المصباح نارًا؟)
٤٩٩ - عَن أَبِي مُوسَى -رضي الله عنه- قَالَ: "قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ فَقَالَ:
أ - إنَّ اللهَ لَا يَنَامُ وَلَا يَنبغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ.
ب - يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ.
ج - يُرْفَعُ إلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ.
د - حِجَابُهُ النُّورُ -أَو النَّارُ- لَو كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا أَدْرَكَهُ بَصَرُهُ مِن خَلْقِهِ" (١).
فَهَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ ذِكْرُ حِجَابِهِ؛ فَإِنَّ تَرَدُّدَ الرَّاوِي فِي لَفْظِ النَّارِ وَالنُّورِ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ مِثْل هَذِهِ النَّارِ الصَّافِيَةِ الَّتِي كَلَّمَ بِهَا مُوسَى يُقَالُ لَهَا نَارٌ وَنُورٌ، كَمَا سَمَّى اللهُ نَارَ الْمِصْبَاحِ نُورًا، بِخِلَافِ النَّارِ الْمُظْلِمَةِ كَنَارِ جَهَنَّمَ، فَتِلْكَ لَا تُسَمَّى نُورًا.
فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ:
أ - إشْرَاقٌ بِلَا إحْرَاقٍ، وَهُوَ النُّورُ الْمَحْضُ كَالْقَمَرِ.
ب - وَإحْرَاقٌ بِلَا إشْرَاقٍ، وَهِيَ النَّارُ الْمُظْلِمَةُ.
ج - وَمَا هُوَ نَارٌ وَنُورٌ؛ كَالشَّمْسِ وَنَارِ الْمَصَابيحِ الَّتِي فِي الدُّنْيَا، تُوصَفُ بِالأَمْرَيْنِ.
وإِذَا كَانَ كَذَلِكَ: صَحَّ أَنْ يَكُونَ -سبحانه- نُورَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَأَنْ يُضَافَ إلَيْهِ النُّورُ، وَلَيْسَ الْمُضَافُ هُوَ عَيْنَ الْمُضَافِ إلَيْهِ.
٦/ ٣٨٧ - ٣٨٨
(١) رواه مسلم (١٧٩).
هذه الكلمات عظيمة؛ ولذلك اقتصر عليها النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-، وحفظها الصحابة ووعوها، فينبغي لنا أن نفهمها ونعيها ونتذاكر بها، ونُذكر غيرنا بها.