وَقَد حَكَى بَعْضُهُم عَنْهُم أَنَّهُم يَجْعَلُونَ الْمُنَافِقِينَ مِن أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَهُوَ غَلَطٌ عَلَيْهِمْ، إنَّمَا نَازَعُوا فِي الِاسْمِ لَا فِي الْحُكْمِ، بِسَبَبِ شُبْهَةِ الْمُرْجِئَةِ فِي أَنَّ الْإِيمَانَ لَا يَتبعَّضُ وَلَا يَتَفَاضَلُ. ٧/ ٢١٥ - ٢١٦
* * *
(سَائِرُ الثِّنْتَيْنِ وَالسَّبْعِينَ فِرْقَةً: مَن كَانَ مُؤْمِنًا باللهِ وَرَسُولِهِ: لَمْ يَكُن كَافِرًا فِي الْبَاطِنِ، وَإن أَخْطأَ فِي التَّأوِيلِ كَائِنًا مَا كَانَ)
٥٢٦ - لَا يُجْعَلُ أَحَدٌ بِمُجَرَّدِ ذَنْبًا يذنبه وَلَا بِبِدْعَةٍ ابْتَدَعَهَا -وَلَو دَعَا النَّاسَ إلَيْهَا-: كَافِرًا فِي الْبَاطِنِ إلَّا إذَا كَانَ مُنَافِقًا.
فَأمَّا مَن كَانَ فِي قَلْبِهِ الْإِيمَانُ بِالرَّسُولِ وَمَا جَاءَ بِهِ، وَقَد غَلِطَ فِى بَعْضِ مَا تَأَوَّلَهُ مِن الْبِدَعِ: فَهَذَا لَيْسَ بِكَافِرٍ أَصْلًا.
وَالْخَوَارِجُ كَانُوا مِن أَظْهَرِ النَّاسِ بِدْعَةً وَقِتَالًا لِلْأُمَّةِ، وَتَكْفِيرًا لَهَا: وَلَمْ يَكُن فِي الصَّحَابَةِ مَن يُكَفِّرُهُمْ، لَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَلَا غَيْرُهُ؛ بَل حَكَمُوا فِيهِمْ بِحُكْمِهِمْ فِي الْمُسْلِمِينَ الظَّالِمِينَ الْمعْتَدِينَ.
وَكَذَلِكَ سَائِرُ الثِّنْتَيْنِ وَالسَّبْعِينَ فِرْقَةً:
- مَن كَانَ مِنْهم مُنَافِقًا فَهُوَ كَافِرٌ فِي الْبَاطِنِ.
- وَمَن لَمْ يَكُن مُنَافِقًا؛ بَل كَانَ مُؤْمِنًا بِاللهِ وَرَسُولِهِ فِي الْبَاطِنِ: لَمْ يَكُن كَافِرًا فِي الْبَاطِنِ، وَإِن أَخْطَأَ فِي التَّأوِيلِ كَائِنًا مَا كَانَ خَطَؤُهُ (١)، وَقَد يَكُونُ فِي بَعْضِهِمْ شُعْبَةٌ مِن شُعَبِ النِّفَاقِ، وَلَا يَكُونُ فِيهِ النّفَاقُ الَّذِي يَكُونُ صَاحِبُهُ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِن النَّارِ.
وَمَن قَالَ: إنَّ الثِّنْتَيْنِ وَالسَّبْعِينَ فِرْقَةً كلُّ وَاحِدٍ مِنْهُم يَكْفُرُ كُفْرًا يَنْقُلُ عَن الْمِلَّةِ: فَقَد خَالَفَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وإجْمَاعَ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ؛
(١) هذا من أصرح المواضع التي يُحذر فيها شيخ الإسلام من التكفير بالعموم، ويمتنع منه.