فغفر له" رواه البخاري (١) ومسلم (٢) من حديث أبي هريرة. المستدرك ١/ ١٢٨
* * *
(الإمام أَحْمَد لَمْ يُكَفِّر الْمُرْجِئَة، ولا أَعْيَانَ الْجَهْمِيَّة)
٥٦٦ - نَصَّ أَحْمَد وَغَيْرُهُ مِن الْأَئِمَّةِ عَلَى عَدَمِ تَكْفِيرِ هَؤُلَاءِ الْمُرْجِئَةِ.
وَمَن نَقَلَ عَن أَحْمَد أَو غَيْرِهِ مِن الْأَئِمَّةِ تَكْفِيرًا لِهَؤُلَاءِ أَو جَعَلَ هَؤُلَاءِ مِن أَهْلِ الْبِدَعِ الْمُتَنَازَعِ فِي تَكْفِيرِهِمْ فَقَد غَلِطَ غَلَطًا عَظِيمًا.
وَالْمَحْفُوظُ عَن أَحْمَد وَأَمْثَالِهِ مِن الْأَئِمَّةِ إنَّمَا هُوَ تَكْفِيرُ الْجَهْمِيَّة وَالْمُشَبِّهَةِ وَأَمْثَالِ هَؤُلَاءِ، وَلَمْ يُكَفِّرْ أَحْمَد الْخَوَارجَ وَلَا الْقَدَرِيَّةَ إذَا أَقَرُّوا بِالْعِلْمِ وَأَنْكَرُوا خَلْقَ الْأَفْعَالِ وَعُمُومَ الْمَشِيئَةِ، لَكِنْ حُكِيَ عَنْهُ فِي تَكْفِيرِهِمْ رِوَايَتَانِ.
مَعَ أَنَّ أَحْمَد لَمْ يُكَفِّرْ أَعْيَانَ الْجَهْمِيَّة، وَلَا كُلُّ مَن قَالَ إنَّهُ جهمي كَفَّرَهُ، وَلَا كُلُّ مَن وَافَقَ الْجَهْمِيَّة فِي بَعْضِ بِدَعِهِمْ؛ بَل صَلَّى خَلْفَ الْجَهْمِيَّة الَّذِينَ دَعَوْا إلَى قَوْلِهِمْ، وَامْتَحَنُوا النَّاسَ وَعَاقَبُوا مَن لَمْ يُوَافِقْهُم بِالْعُقُوبَاتِ الْغَلِيظَةِ، لَمْ يُكَفِّرْهُم أَحْمَد وَأَمْثَالُهُ؛ بَل كَانَ يَعْتَقِدُ إيمَانَهُم وَإِمَامَتَهُمْ، وَيَدْعُو لَهُمْ، وَيَرَى الِائْتِمَامَ بِهِم فِي الصَّلَوَاتِ خَلْفَهُمْ، وَالْحَجَّ وَالْغَزْوَ مَعَهُمْ، وَالْمَنْعَ مِن الْخُرُوجِ عَلَيْهِم مَا يَرَاهُ لِأَمْثَالِهِمْ مِن الْأَئِمَّةِ.
وَيُنْكِرُ مَا أَحْدَثُوا مِن الْقَوْلِ الْبَاطِلِ الَّذِي هُوَ كُفْرٌ عَظِيمٌ، وَإِن لَمْ يَعْلَمُوا هُم أَنَّهُ كُفْرٌ، وَكَانَ يُنْكِرُهُ وَيُجَاهِدُهُم عَلَى رَدِّهِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ، فَيَجْمَعُ بَيْنَ:
أ- طَاعَةِ اللهِ وَرَسُولِهِ فِي إظْهَارِ السُّنَّةِ وَالدِّينِ.
ب- وَإِنْكَارِ بِدَعِ الْجَهْمِيَّة الْمُلْحِدِينَ.
ج- وَبَيْنَ رِعَايَةِ حُقُوقِ الْمُؤْمِنِينَ مِن الْأَئِمَّةِ وَالْأُمَّةِ، وَإِن كَانُوا جُهَّالًا
(١) (٦٥٢).
(٢) (١٩١٤).