كِتَابُ الْقَدَر
(هل الله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ حتى على الْمُمْتَنِع لِذَاتِهِ؟)
٥٩٦ - أَخْبَرَ اللهُ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، وَالنَّاسُ فِي هَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:
طَائِفَةٌ تَقُولُ: هَذَا عَامٌّ يَدْخُلُ فِيهِ الْمُمْتَنِعُ لِذَاتِهِ مِن الْجَمْعِ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ، وَكَذَلِكَ يَدْخُلُ فِي الْمَقْدُورِ، كَمَا قَالَ ذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْهُم ابْن حَزْمٍ.
وَطَائِفَةٌ تَقُولُ: هَذَا عَامّ مَخْصُوصٌ يُخصُّ مِنْهُ الْمُمْتَنِعَ لِذَاتِهِ؛ فَإِنَّهُ وَإِن كَانَ شَيْئًا فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي الْمَقْدُورِ، كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ عَطِيَّةَ وَغَيْرُهُ.
وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ خَطَأٌ.
وَالصَّوَابُ هُوَ الْقَوْلُ الثَّالِثُ الَّذِي عَلَيْهِ عَامَّةُ النُّظَّارِ، وَهُوَ أَنَّ الْمُمْتَنِعَ لِذَاتِهِ لَيْسَ شَيْئًا أَلْبَتَّةَ، وَإِن كَانُوا مُتَنَازِعِينَ فِي الْمَعْدُومِ؛ فَإِنَّ الْمُمْتَنِعَ لِذَاتِهِ لَا يُمْكِنُ تَحَقُّقُهُ فِي الْخَارِجِ، وَلَا يَتَصَوَّرُهُ الذِّهْنُ ثَابِتًا فِي الْخَارجِ. ٨/ ٨
* * *
(هل الْمَعْدُوم شَيْء؟)
٥٩٧ - إنَّ الْمَعْدُومَ لَيْسَ بِشَيْءٍ فِي الْخَارجِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَهُوَ الصَّوَابُ.
وَقَد يُطْلِقُونَ أَنَّ الشَّيْءَ هُوَ الْمَوْجُودُ، فَيُقَالُ عَلَى هَذَا: فَيَلْزَمُ أَلَّا يَكُونَ قَادِرًا إلَّا عَلَى مَوْجُودِ، وَمَا لَمْ لَخْلُقْهُ لَا يَكُونُ قَادِرًا عَلَيْهِ.
وَهَذَا قَوْلُ بَعْضِ أَهْلِ الْبِدَعِ.
وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّ الشَّيْءَ اسْمٌ: