تحرق الْمَنْزِلَ، فَأَخَذَ يَقُولُ: مِن أَيْنَ كَانَتْ؟ هَذِهِ رِيحٌ أَلْقَتْهَا وَأَنَا لَا ذَنْبَ لِي فِي هَذِهِ النَّارِ، فَمَا زَالَ يَتَعَلَّلُ بِهَذِهِ الْعِلَلِ حَتَّى اسْتَعَرَتْ وَانْتَشَرَتْ وَأَحْرَقَت الدَّارَ وَمَا فِيهَا.
هَذِهِ حَالُ مَن شَرَعَ يُحِيلُ الذُّنُوبَ عَلَى الْمَقَادِيرِ، وَلَا يَرُدُّهَا بِالِاسْتِغْفَارِ وَالْمَعَاذِيرِ.
بَل حَالُهُ أَسْوَأُ مِن ذَلِكَ بِالذَّنْبِ الَّذِي فَعَلَهُ، بِخِلَافِ الشَّرَارَةِ فَإِنَّهُ لَا فِعْلَ لَهُ فِيهَا.
وَاللهُ سُبْحَانَهُ يُوَفِّقُنَا وَإِيَّاكُمْ وَسَائِرَ إخْوَانِنَا لِمَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ؛ فَإِنَّهَا لَا تُنَالُ طَاعَتُهُ إلَّا بِمَعُونَتِهِ، وَلَا تُتْرَكُ مَعْصِيَتُهُ إلَّا بِعِصْمَتِهِ. ٨/ ١٩٧ - ٢٠٠
* * *
(أَصْلُ السَّيِّئَاتِ الْجَهْلُ وَعَدَمُ الْعِلْمِ)
٦٠٧ - قَوْلُهُ: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} فاطر: ٢٨ .. فَإِنَّ الْعِلْمَ بِمَا أَنْذَرَتْ بِهِ الرُّسُلُ يُوجِبُ الْخَوْفَ.
فَإِذَا كَانَ الْعِلْمُ يُوجِبُ الْخَشْيَةَ الْحَامِلَةَ عَلَى فِعْلِ الْحَسَنَاتِ وَتَرْكِ السَّيِّئَاتِ، وَكُلُّ عَاصٍ فَهُوَ جَاهِلٌ لَيْسَ بِتَامِّ الْعِلْمِ: تَبَيَّنَ مَا ذَكَرْنَا مِن أَنَّ أَصْلَ السَّيِّئَاتِ الْجَهْلُ وَعَدَمُ الْعِلْمِ. ٨/ ٢٠٤
* * *
(اللهُ سُبْحَانَهُ تَفَضَّلَ عَلَى بَنِي آدَمَ بأَمْرَيْنِ همَا أَصْلُ السَّعَادَةِ)
٦٠٨ - اللهُ سُبْحَانَهُ تَفَضَّلَ عَلَى بَنِي آدَمَ بَأَمْرَيْنِ هُمَا أَصْلُ السَّعَادَةِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ كُلَّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، كَمَا فِي "الصَّحِيحَيْنِ" (١)
وَلِمُسْلِم (٢) عَن عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ مَرْفُوعًا: "إنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ".
(١) البخاري (١٣٥٨)، ومسلم (٢٦٥٨).
(٢) (٢٨٦٥).