فَالْأُولَى: لِلْكلِمَاتِ الْأَمْرِيَّاتِ الشَّرْعِيَّاتِ.
وَالثَّانِيَةُ: لِلْكَلِمَاتِ الْخَلْقِيَّاتِ الْكَوْنِيَّاتِ.
كَمَا قَالَ: {وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ} التحريم: ١٢.
وَقَد اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي قُدْرَةِ الْعَبْدِ عَلَى خِلَافِ مَعْلُومِ الْحَقِّ أَو مُرَادِهِ؟
وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّهُ قَد يَكُونُ قَادِرًا بِالْقُدْرَةِ الْأُولَى الشَّرْعِيَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى الْفِعْلِ، فَإِنَّ اللهَ قَادِرٌ أَيْضًا عَلَى خِلَافِ الْمَعْلُومِ وَالْمُرَادِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُن قَادِرًا إلَّا عَلَى مَا فَعَلَهُ، وَلَيْسَ الْعَبْدُ قَادِرًا عَلَى ذَلِكَ بِالْقُدْرَةِ الْمُقَارِنَةِ لِلْفِعْلِ، فَإنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا مَا عَلِمَ اللهُ كَوْنَة، وَأَرَادَ كَوْنَهُ، فَإِنَّهُ مَا شَاءَ اللهُ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ. ٨/ ٣٧١ - ٣٧٤
* * *
(كَلَامُ اللهِ وَنَحْو ذَلِكَ مِن صِفَاتِهٍ لَأزِمَةٌ لِذَاتِهِ، وهي مَعَ ذلِكَ صِفَاتٌ فِعْلِيَّةٌ)
٦٢٩ - حَدَّثَنِي بَعْضُ ثِقَاتِ أَصْحَابِنَا: أَنَّ شَيْخَنَا أَبَا عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الْوَهَّابِ عَادَ شَيْخَنَا أَبَا زَكَرِيَّا بْنَ الصِّرْمَئ وَعِنْدَهُ جَمَاعَةٌ فَسَأَلُوهُ الدُّعَاءَ، فَقَالَ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ بِقُدْرَتِك الَّتِي قَدَرْت بِهَا أَنْ تَقُولَ لِلسَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَو كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ، افْعَلْ كَذَا وَكَذَا.
قَالَ أَبُو عَبْدِ الْوَهَّابِ (١): وَلَمْ أُخَاطِبْهُ فِيهِ بِحَضْرَةِ النَّاسِ حَتَّى خَلَوْت بِهِ، وَقلْت لَهُ: هَذَا لَا يُقَالُ.
لَو قُلْت: قَدَرْت بِهَا عَلَى خَلْقِك: جَازَ.
فَأَمَّا قَدَرْت بهَا أَنْ تَقولَ: فَلَا يَجُوزُ، لِأَنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ مَقْدُورًا لَهُ مَخْلُوقًا (٢).
(١) لعل الصواب: أبو عبد الله بن عبد الوهاب، كما هو في أول الكلام.
(٢) ذكر الشيخ في موضع آخر أنّ أَبا عَبْدِ اللهِ بْن عَبْدِ الْوَهَّابِ رحمهُ اللهُ يُوَافِقُ ابْنَ كُلَّابٍ عَلَى قَوْلِهِ: =