وَالدِّينِ؛ كَالْقَرَامِطَةِ وَالْبَاطِنِيَّةِ الَّذِينَ رَكَّبُوا مَذْهَبَهُم مِن فَلْسَفَةِ الْيُونَانِ وَدِينِ الْمَجُوس، وَأَظْهَرُوا الرَّفْضَ.
وَكَجُهَّالِ الْمُتَصَوِّفَةِ وَأَهْلِ الْكَلَامِ، وَإنَّمَا يَنْفقون فِي دَوْلَةٍ جَاهِلِيَّةٍ بَعِيدَةٍ عَن الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ: إمَّا كُفَّارًا، وَإِمَّا مُنَافِقِينَ، ثُمَّ نَفقَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ التُّرْكُ.
وَكَذَلِكَ إنَّمَا ينفقون دَائِمًا عَلَى أَعْدَاءِ اللّهِ وَرَسُولِهِ مِن الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ. ٩/ ١٧٥ - ١٧٦
٦٦٨ - مَا زَالَ نُظَّارُ الْمُسْلِمِينَ يَعِيبُونَ طَرِيقَ أَهْلِ الْمَنْطِقِ، وَيُبَيِّنُونَ مَا فِيهَا مِن الْعِيِّ وَاللُّكْنَةِ وَقُصُورِ الْعَقْلِ وَعَجْزِ النُّطْقِ، ويُبَيِّنُونَ أَنَّهَا إلَى إفْسَادِ الْمَنْطِقِ الْعَقْلِيِّ وَاللِّسَانِيِّ أَقْرَبُ مِنْهَا إلَى تَقْوِيمِ ذَلِكَ.
وَلَا يَرْضَوْنَ أَنْ يَسْلُكُوهَا فِي نَظَرِهِمْ وَمُنَاظَرَتِهِمْ لَا مَعَ مَن يُوَالُونَهُ وَلَا مَعَ مَن يُعَادُونَهُ.
وَإِنَّمَا كَثُرَ اسْتِعْمَالُهَا مِن زَمَنِ أَبِي حَامِدٍ؛ فَإِنَّهُ أَدْخَلَ مُقَدِّمَةً مِن الْمَنْطِقِ الْيُونَانِيِّ فِي أَوَّلِ كِتَابِهِ الْمُسْتَصْفَى، وَزَعَمَ أَنَّهُ لَا يَثِقُ بِعِلْمِهِ إلَّا مَن عَرَفَ هَذَا الْمَنْطِقَ.
وَصَنَّفَ فِيهِ "مِعْيَارَ الْعِلْمِ" وَ"مَحَكَّ النَّظَرِ"، وَصَنَّفَ كِتَابًا سَمَّاهُ "الْقِسْطَاسَ الْمُسْتَقِيمَ" ذَكَرَ فِيهِ خَمْسَ مَوَازِينَ: الثَّلَاثَ الْحَمْلِيَّاتِ، وَالشَّرْطِيَّ الْمُتَّصِلَ، وَالشَّرْطِيَّ الْمُنْفَصِلَ.
وَغَيَّرَ عِبَارَاتِهَا إلَى أَمْثِلَةٍ أَخَذَهَا مِن كَلَامِ الْمُسْلِمِينَ، وَذَكَرَ أَنَّهُ خَاطَبَ بِذَلِكَ بَعْضَ أَهْلِ التَّعْلِيمِ.
وَصنَّفَ كِتَابًا فِي تَهَافُتِهِمْ وَبَيَّنَ كُفْرَهُم بِسَبَبِ مَسْأَلَةِ قِدَمِ الْعَالَمِ، وَإِنْكَارِ الْعِلْمِ بِالْجُزْئِيَّاتِ، وَإِنْكَارِ الْمُعَادِ.
وَبَيَّنَ فِي آخِرِ كُتُبِهِ أَنَّ طَرِيقَهُم فَاسِدَةٌ لَا تُوصِلُ إلَى يَقِينٍ، وَذَمَّهَا أَكْثَرَ مِمَّا ذَمَّ طَرِيقَةَ الْمُتَكَلِّمِينَ.