بِالطُّرُقِ الَّتِي كَانَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ لَهُم بِإِحْسَان يَسْلُكُونَهَا، وَلَا يَحْتَاجُونَ مَعَهَا إلَى شَيْءٍ آخَرَ.
وَإِن كَانَ كَثِيرٌ مِن النَّاسِ قَد أَحْدَثُوا طُرُقًا أُخَرَ، وَكَثِيرٌ مِنْهُم يَظُنُّ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ الشَّرِيعَةِ إلَّا بِهَا، وَهَذَا مِن جَهْلِهِمْ.
كَمَا يَظُنُّ طَائِفَةٌ مِن النَّاسِ أَنَّ الْعِلْمَ بِالْقِبْلَةِ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِمَعْرِفَةِ أَطْوَالِ الْبِلَادِ وَعُرُوضِهَا.
وَهُوَ وَإِن كَانَ عِلْمًا صَحِيحًا حِسَابِيًّا يُعْرَفُ بِالْعَقْلِ، لَكِنَّ مَعْرِفَةَ الْمُسْلِمِينَ بِقِبْلَتِهِمْ لَيْسَتْ مَوْقُوفَةً عَلَى هَذَا.
بَل قَد ثَبَتَتْ عَن صَاحِبِ الشَّرْعِ. ٩/ ٢١٥
٦٧٥ - لَا نُنْكِرُ أَنَّ الْقِيَاسَ يَحْصُلُ بِهِ عِلْمٌ إذَا كَانَت مَوَادُّهُ يَقِينِيَّةً، لَكِنْ نَقُولُ: إنَّ الْعِلْمَ الْحَاصِلَ بِهِ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْقِيَاسِ الْمَنْطِقِيِّ؛ بَل يَحْصُلُ بِدُونِ ذَلِكَ، فَلَا يَكُون شَيْءٌ مِن الْعِلْمِ مُتَوَقِّفًا عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ. ٩/ ٢١٨
* * *
(طَرِيقَةُ الْقُرْآنِ فِي بَيَانِ إمْكَانِ الْمَعَادِ)
٦٧٦ - طَرِيقَةُ الْقُرْآنِ فِي بَيَانِ إمْكَانِ الْمَعَادِ:
أ - فَتَارَةً يُخْبِرُ عَمَّن أَمَاتَهُم ثُمَّ أَحْيَاهُم كَمَا أَخْبَرَ عَن قَوْمِ مُوسَى الَّذِينَ قَالُوا: {أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً} النساء: ١٥٣، قَالَ: {فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٥٥) ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ} البقرة: ٥٥، ٥٦.
وَكَمَا أَخْبَرَ عَن الْمَسِيحِ أَنَهُ كَانَ يُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ، وَعَن أَصْحَابِ الْكَهْفِ أَنَّهُم بُعِثُوا بَعْدَ ثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ وَتِسْعِ سِنِينَ.
ب - وَتَارَةً يَسْتَدِلُّ عَلَى ذَلِكَ بِالنَّشْأَةِ الْأُولَى؛ فَإِنَّ الْإِعَادَةَ أَهْوَنُ مِن الِابْتِدَاءِ؛ كَمَا فِي قَوْلِهِ: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ} الْآيَةُ الحج: ٥.