مِن الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى قَبْلَ النَّسْخِ، لَمَّا بَدَّلُوا بَعْضَ الْكُتُبِ الَّتي بِأَيْدِيهِمْ.
وَمِنْهُمْ: مَن لَمْ يَقْصِد أَتْبَاعَهَا، لَكِنْ تَلَقَّى عَنْهُم أَشْيَاءَ يَظُنُّ أَنَّهَا جَمِيعَهَا تُوَافِقُ الْإِسْلَامَ وَتَنْصُرُهُ، وَكَثِيرٌ مِنْهَا تُخَالِفُهُ وَتَخْذُلُهُ، وَهَذِهِ حَالُ كَثِيرٍ مِن أَهْلِ الْكَلَامِ الْمُعْتَزِلَةِ.
وَمِنْهُمْ: مَن أَعْرَضَ عَنْهَا إعْرَاضًا مُجْمَلًا، وَلَمْ يَتَّبعْ مِن الْقُرْآنِ وَالْإِسْلَامِ مَا يُغْنِي عَن كُلِّ حَقِّهَا، وَيَدْفَعُ بَاطِلَهَا، وَلَمْ يُجَاهِدْهُم الْجِهَادَ الْمَشْرُوعَ، وَهَذِهِ حَالُ كَثِيرٍ مِن أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. ٩/ ٢٦٥ - ٢٦٦
* * *
(كُتُبُ الْمَنْطِقِ: لَا تَشْتَمِل عَلَى عِلْمٍ يُؤْمَرُ بِهِ شَرعًا)
٦٨٣ - كُتُبُ الْمَنْطِقِ: لَا تَشْتَمِلُ عَلَى عِلْمٍ يُؤمَرُ بِهِ شَرْعًا، وَإِن كَانَ قَد أَدَّى اجْتِهَادُ بَعْضِ النَّاسِ إلَى أَنَّهُ فَرْضٌ عَلَى الْكفَايَةِ.
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إنَّ الْعُلُومَ لَا تَقُومُ إلَّا بِهِ؛ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو حَامِدٍ، فَهَذَا غَلَطٌ عَظِيمٌ عَقْلًا وَشَرْعًا:
أمَّا عَقْلًا: فَإِنَّ جَمِيعَ عُقَلَاءِ بَنِي آدَمَ مِن جَمِيعِ أَصْنَافِ الْمُتَكَلِّمِينَ فِي الْعِلْمِ حَرَّرُوا عُلُومَهُم بِدُونِ الْمَنْطِقِ الْيُونَانِيِّ.
وَأمَّا شَرْعًا: فَإِنَّهُ مِن الْمَعْلُومِ بِالِاضْطِرَارِ مِن دِينِ الْإِسْلَامِ أَنَّ اللهَ لَمْ يُوجِبْ تَعَلُّمَ هَذَا الْمَنْطِقِ الْيُونَانِيِّ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ.
وَأَمَّا هُوَ فِي نَفْسِهِ: فَبَعْضُهُ حَقٌّ وَبَعْضُهُ بَاطِلٌ، وَالْحَقُّ الَّذِي فِيهِ كَثِيرٌ مِنْهُ أو أَكْثَرُهُ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ، وَالْقَدْرُ الَّذِي يُحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْهُ فَأكْثَرُ الْفِطَرِ السَّلِيمَةِ تَسْتَقِلُّ بِهِ، وَالْبَلِيدُ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ، وَالذَّكِيُّ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، وَمَضَرَّتُهُ عَلَى مَن لَمْ يَكُن خَبِيرًا بِعُلُومِ الْأنْبِيَاءِ أَكْثَرُ مِن نَفْعِهِ.
فَإِنَّ فِيهِ مِن الْقَوَاعِدِ السَّلْبِيَّةِ الْفَاسِدَةِ مَا رَاجَتْ عَلَى كَثِيرٍ مِن الْفُضَلَاءِ، وَكَانَت سَبَبَ نِفَاقِهِمْ وَفَسَادِ عُلُومِهِمْ. ٩/ ٢٦٩ - ٢٧٠
* * *